غياب المعلومات والبيانات، وعدم التوصُّل إِلى اتّفاقٍ مُلزمٍ لملء سدّ النّهضة وتشغيله بسبب رفض الجانب الإِثيوبيّ، سيُؤَثّر تأثيرًا سلبيًّا كبيرًا في تشغيل "خزّان الرّوصيرص"، الّذي يعتمد في عمله على إِيراد النّهر الطّبيعيّ. والآن سيعتمد على كميّات النّهر الواردة مِن سدّ النّهضة، وبالتّالي فغِياب اتّفاقٍ مُلزمٍ ومُرضٍ لكُلّ الجهات، سيُشكّل خُطورةً كبيرةً!.

ولقد أَدّى الملء الأَوّل لسدّ النّهضة، إِلى أُسبوعٍ مِن العطش، وأَثّر في الريّ واحتياجات الثّروة الحيوانيّة والمنازل والصّناعة...

وأَمّا الملء الثّاني للسدّ، فهو بمثابة قُنبلةٍ مائيّةٍ لأَنّ الملء يستلزم ضخّ كميّاتٍ مائيّةٍ أَكبر مِن طاقة السُّدود السُّودانيّة المُقامة على نهر النّيل الأَزرق، ما يُنذر بحُدوث كوارثَ...

بَيْد أَنّ مصر ليست في منأًى عن هذه الأَضرار... إِذ وَفق معلوماتٍ حصل عليها مُراسل قناة "الجزيرة" من بياناتٍ رسميّةٍ ودراساتٍ علميّةٍ وتقييمات خبراء مُختصّين في مجال المياه والسّدود... فهذه هي الأَضرار الّتي يُمكن أَن يُلحقها سدّ النّهضة الإِثيوبيّ بمصر.

ومِن الحقائق تلك، أَنّ حدّة المخاطر تزدد خلال سنوات الجفاف، المُمتد وكذلك في حالة التّعبئة السّريعة لخزّان سدّ النهضة، وهذا ما يُفسّر تمسُّك مصر بضرورة أنْ يكون ثمّة اتّفاقٍ قانونيٍّ مُلزمٍ للتّعبئة والتّشغيل، وأَن يكون ذلك وَفق قواعد ثابتةٍ ومُحدّدةٍ لا يُمكن تغييرها من جانبٍ واحدٍ.

وكذلك يجب الاخذ في الاعتبار، أَنّ تآكُل الرّقعة الزّراعيّة بنسب ٍتتفاوت -وَفقًا لبعض الدّراسات وتقديرات الخبراء- إِلى نحو ثلث الرُّقعة الزّراعيّة المصريّة.

وتقول دراسةٌ أَعدّها أَكاديميُّون في جامعاتٍ أَميركيّةٍ، وبينهم الأَكاديميّ المصريّ في وكالة "ناسا" الأَميركيّة، الدُّكتور عصام حجّي، بعدما نشرته دوريّة (Environmental Research Letters)، إِنّ الرّقعة الزّراعيّة المصريّة مُهدّدةٌ بالتّراجُع بنسبةٍ مُقلقةٍ تصل إِلى 72%، في أَحد أَسوإِ السّيناريوهات"...

ويقول بعض الدّراسات إِنّ كُلّ 5 مليارات مترٍ مُكعبٍ مِن المياه تنقص من حصّة مصر، يعني بَوار مليون فدّانٍ مِن إِجماليّ مساحة الرّقعة الزّراعيّة في مصر البالغة نحو 8،5 ملايين فدّانٍ"...

وترى "الدّراسة الأَكاديميّة الأَميركيّة" المُشار إِليها أَنّ مَوارد مِصر المائيّة مُهدّدةٌ بالتّراجُع بمقدار 31 مليار مترٍ مُكعبٍ سنويًّا، أَي ما يُعادل أَكثر مِن ضُعف حصّة مصر السّنويّة مِن مياه النّيل، والبالغة 55،5 مليار مترٍ مُكعبٍ، إِذا تمسّكت إِثيوبيا بالتّعبئة السّريعة لخزّان سدّ النّهضة الّذي يستَوْعِب 74 مليار مترٍ مُكعبٍ، على ما رأت الدّراسة الّتي أَوردَت أَيضًا أَنّ "الخسارة قد تصل إِلى 43 مليارًا، إِذا تمّت التّعبئة في 3 سنوات فقط!"...

وكذلك توقّعت الدّراسة أَن ينخفض "النّاتج القوميّ" للفرد في مِصر، بنسبةٍ قد تصل إِلى 8 %، ومِن ثمّ وصول معدّل البطالة إِلى نحو 25 %.

إِنّ تآكُل "الدّلتا المصريّة"، ورُبّما حتّى اختفاء أَجزاء منها نتيجة تراجُع منسوب النّيل، ما يؤدّي إِلى دخول مياه البحر المُتوسّط، وزيادة معدّلات ملوحة التّربة. وأَمّا نُضوب مخزون المياه الجوفيّة، فهو يُشكّل المصدر الثّاني للمياه في مصر، حيث يَقول بعضُ الدّراسات إِنّ مخزون المياه الجوفيّة مُهدّدٌ بفقدان 6 مليارات مترٍ مُكعبٍ مِن المياه، فقط بسبب التّراجُع المُحتمل لمنسوب المياه في بحيرة ناصر، أَمام السدّ العاليّ... وللحديث صلةٌ!.