بعد أن فشلت الدولة اللبنانية في معالجة أزمة الكهرباء، بالرغم من الأموال الطائلة التي هُدِرت في هذا المجال، وفي حين هي تفشل في ضبط ملفّ المولّدات الخاصة، التي قرر أصحابها في هذا الشهر عدم الإلتزام بالتسعيرة الرسمية المحدّدة من قبل وزارة الطاقة والمياه، وَجَد المواطنون متنفّسًا لهم عبر الذهاب إلى الإعتماد على الطاقة الشمسيّة، التي تخلّصهم من فساد الدولة ومافيا عصابات المولدات، إلا أنّ الدولة قرّرت أن تفرض موافقات، لا يمكن وصفها إلا بالعراقيل التي يُراد منها أن تزيد الأمور تعقيداً.

إنطلاقاً من ذلك، طلب قائد الدرك العميد مروان سليلاتي من قادة المناطق الإقليميّة في قوى الأمن الداخلي التشدّد في قمع ما قرّر أن يسمّيه بمخالفات تركيب ألواح الطاقة الشمسيّة، لأنّه اعتبر أنّ تركيب لوازم الطاقّة الشمسيّة وتشييد خيم حديديّة لهذه الغاية من دون موافقة وزارة الداخليّة والبلديّات أو المديريّة العامة للتنظيم المُدني غير قانوني.

في ذلك الكتاب، يشير قائد الدرك إلى كتاب وجّهته وزارة الطاقة والمياه، في آذار 2019، إلى وزارة الداخلية والبلديات، "حول تركيب ألواح طاقة شمسيّة لتوليد الكهرباء للاستخدامات المنزليّة والخاصّة"، لفت الى أنّ الصلاحيّة في هذا الأمر تعود إلى "المركز اللبناني لحفظ الطاقة" الذي "يُبدي رأيه بالموافقة على اعتماد الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية"، فيما "يعود للأجهزة المختصّة النظر في الموافقة الفنّية والهندسيّة".

في هذا السياق، تسخر مصادر متابعة لهذا الملف، عبر "النشرة"، من تبرير وزير الداخليّة والبلديّات بسام المولوي بالحديث عن شكاوى عديدة سُجّلت عن شجارات بين جيران على أفضليّة تركيب ألواح الطاقّة على أسطح المباني، وتشير إلى أنّ الشّجارات من الممكن أن تقع أيضاً بسبب وضع خزّانات المياه أو تركيب صحون السواتل، وتسأل: "هل ستلجأ الوزارة، في مرحلة لاحقة، إلى منع ذلك أو طلب الحصول على موافقات مسبقة"؟، وتضيف: "في الأصل الإشكالات بين المواطنين وأصحاب المولّدات باتت لا تعدّ ولا تحصى" فلماذا لا تتدخّل الداخليّة لتمنع كارتيل أصحاب المولّدات من سرقة المواطنين؟.

بالإضافة إلى ذلك، تلفت هذه المصادر إلى أنّ العملية لا تتضمّن تركيب خيمة حديد، وتشير إلى أنّها كانت تحصل، على مدى السنوات الماضية، من دون أيّ تدقيق حول هذه المسألة، بل على العكس من ذلك كانت الدولة تشجّع المواطنين على الذهاب إلى هذه الخطوة، من خلال تأمين قروض مصرفيّة من دون فائدة مدعومة من مصرف لبنان، حيث كانت الآليّة المعتمدة هي أن يتولى المركز اللبناني لحفظ الطّاقة الإشراف على الشق التقني.

بالنسبة إلى هذه المصادر، المطلوب اليوم من السلطات الرسمية البحث في كيفيّة تسهيل المهمّة أمام المواطنين بدل تعقيدها، من خلال تنظيم عمل الشركات التي دخلت في هذا المجال، كي لا يقع المواطن ضحيّة الاستغلال الرّخيص، وتلفت إلى أنّ هذه العملية من الممكن أن تتمّ بسهولة تامّة، من خلال آليّة تسجيل الشركات التي تعمل على الأراضي اللبنانيّة، بحيث لا يُسمح بالعمل لأيّ شركة لا تحظى بالمواصفات المطلوبة.

من جانبه، يشير أحد العاملين في هذا القطاع، عبر "النشرة"، إلى أنّ المطلوب تنظيم العمليّة بدل زيادة العراقيل، نظراً إلى أنّه في الآليّة التي كانت معتمدة سابقًا كان الملف يأخذ بحدود 4 أشهر، في حين أنّ الطلب لم يكن بالشكل الذي هو عليه اليوم، ويوضح أن الذهاب إلى المركز كان من قبل المواطنين الذين يريدون الاستفادة من القروض المدعومة، بينما هذه القروض لم تعد متوفّرة في الوقت الراهن، في حين أنّ من لا يريد الإستفادة من الآليّة لم يكن يطالب بأيّ إذن.

ويكشف أنّه حتى العام 2016 كان هناك بحدود 150 شركة عاملة في لبنان، ويشير إلى وجود لائحة بهذه الشركات لدى المركز، وبالتالي من المفترض أن تبدأ أيّ آلية جديدة انطلاقاً منها، بحيث لا يُسمح بالعمل لأيّ شركة لا تكون مستوفية للشروط، لحماية المواطنين من "الدُخلاء" على السوق، الذين لا يؤمّنون شروط السلامة العامة في عملهم.

ويلفت إلى أنه بعد ذلك يأتي دور المركز للإشراف على الشقّ التقني، بحيث لا يكون شرطاً مسبقاً بل يتولى الرقابة في مرحلة لاحقة، كي لا تتأخر الطلبات بينما المواطنون يعانون من العتمة، خصوصاً أنّ المركز ليس لديه الفريق القادر للكشف على كل المشاريع التي تنفذ في كل لبنان.

في المحصّلة، المطلوب من السلطات المعنيّة تشجيع المواطنين للذهاب إلى الخيارات البديلة، لا سيما أنها صديقة للبيئة، بدل البحث عن كيفيّة زيادة العراقيل أمامهم، خصوصاً أن الدولة الفاشلة عاجزة عن معالجة أزمة الكهرباء، بينما مشاكل وضرر المولّدات الخاصة لا تقلّ خطورة عن أيّ أمر آخر.