كثرت في الآونة الأخيرة طلبات وزراء ومسؤولين عرب للاجتماع مع المسؤولين السوريين في خطوة عبرت عن تبدل إيجابي لصالح سورية واعترافاً واضحاً وصريحاً بالخطيئة العربية الكبرى التي ارتكبت بحقها، وبانهزام المشروع العربي الغربي الأميركي المشترك الذي كان معداً للإطاحة بدور سورية كنقطة ارتكاز أساسية للمنطقة العربية وللإقليم.

التودد العربي لسورية بدا واضحاً خصوصاً بعد تهافت معظم وزراء الخارجية العرب ورؤساء الوفود للاجتماع بوفد الجمهورية العربية السورية خلال انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك.

هلل البعض لمشهد استقبال وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد للوفود العربية في نيويورك معتبرين حصول تلك اللقاءات دليلاً على حصول مراجعة عربية بالتعاطي مع سورية وإقراراً بالوهن الذي أصاب الجامعة العربية خصوصاً منذ قرار تعليق عضوية سورية وشغور مقعدها في الجامعة.

صحيح أن الانفتاح العربي الجديد على سورية وخصوصاً من قبل تلك الدول التي شكلت مقراً ومنطلقاً داعماً للتآمر على سورية يشكل نقلة نوعية مفرحة تبشر بانكسار المؤامرة على أسوار دمشق قلب العروبة وباستعادة سورية لدورها العربي الرائد ترجم بالانفتاح الدبلوماسي العربي مجدداً على سورية.

وعلى الرغم من الانفتاح العربي لكن ما أثار انتباهي وامتعاضي تصريحات لمسؤولين عرب على مستوى وزراء الخارجية أعربوا عن بذل جهود مكثفة وعن عزم متواصل لإعادة سورية إلى الجامعة العربية واصفين هذا الأمر بأنه مهمة معقدة ويحتاج إلى جهد كبير.

وهنا لا بد لي من التوقف والتأمل بالنيات الحقيقية لأولئك المسؤولين العرب وبمضمون تصريحاتهم التي تحمل في طياتها تفسيراً واضحاً يعبر عن مستوى العجز العربي في اتخاذ قرار عودة سورية إلى الجامعة العربية بانتظار الإذن الأميركي لهؤلاء العرب نقول: إن إعادة سورية إلى الجامعة العربية ليست منة من أحد ولا جائزة ترضية تقدم لها ولا عطفاً عليها.

ولا تعويضاً عن فحشكم وحقدكم الذي فاق التوقعات ضد الدولة والجيش والشعب السوري.

يا من تجهدون لعودة سورية إلى الجامعة العربية يا من تعتبرون عودة سورية إلى مقعدها الطبيعي أمراً معقداً ألستم أنتم أنفسكم من ارتكب الخطيئة بحق سورية؟ ألستم أنتم من تآمر على سورية يا من رصدتم أموال خزائنكم لتدمير سورية يا من دفع وموّل شياطين الأرض لتدمير الحضارة في سورية يا من عمل على تشريد وتفتيت المجتمع السوري، يا من حاصرتم سورية يا من قطع الأوكسجين عن سورية ألستم أنتم أنفسكم من أظهر الحقد والكراهية تجاه سورية العروبة تارة باسم الدين والمذهبية وتارة أخرى بعنوان تحالفها مع إيران والمقاومة ضد العدو الصهيوني.

يا أصحاب المهمة الصعبة والمعقدة ألستم أنتم من اتخذ قرار تجميد عضوية سورية في الجامعة العربية لأن سورية العروبة رفضت الإذعان للإملاءات الأميركية أو للتطبيع مع العدو الصهيوني ولأن سورية رفضت المساومة على فلسطين وعلى تحرير الجولان المحتل ولأن سورية تعتبر الداعم والحاضن للمقاومة ضد العدو الإسرائيلي.

اعلموا بأن ما يسمى بالجامعة العربية لا فعالية لها من دون سورية، ولا قوة ولا دوراً ولا تأثيراً لها دون سورية. فلا أمن عربي ولا استقرار للإقليم ولا يصان ولن يتحقق أمن الأمة العربية من دون سورية.

يا من تصفون عودة سورية إلى الجامعة العربية بالأمر المعقد نقول لكم بالفم الملآن إننا لا نريد عودة سورية الحرة إلى مقعدها بالجامعة غير الحرة لأنها لا تمتلك قرارها العربي الحر ولأن قرارها المزيف لم يزل متاجراً به عند الأميركي الصهيوني ولأن ما يسمى بالجامعة العربية لم تكن يوماً عوناً للعرب بل إن الجامعة العربية كانت ولم تزل مرتعاً للتآمر على قلب العروبة وعلى فلسطين وعلى العراق وليبيا واليمن ولبنان وعلى كل الدول التي لا تتماهى وسياسة انبطاحكم وإذلالكم.

أيها الوزراء العرب أتذكرون قراركم الجائر بتجميد عضوية سورية بعد تزوير فاضح وارتكاب مخالفة متعمدة للبندين رقم 8 و18 الأساسيين من ميثاق الجامعة العربية.

أتذكرون كيف انتفض لبنان ممثلاً بالوزير عدنان منصور والسفير السوري المرحوم يوسف الأحمد وامتناع العراق والجزائر اعتراضاً على قراركم الجائر بحق سورية الأمر الذي أبطل قراركم ورغم ذلك وفي مخالفة موصوفة وبتزوير فاضح وبائن للتاريخ أعلنتم عن اتخاذ قرار تجميد عضوية سورية بالإجماع وفي ذلك وصمة عار على جبينكم.

أتذكرون ضرب المواعيد لسقوط الرئيس بشار الأسد وسقوط آخر قلاع الصمود العربي أتذكرون اختلافكم على الصيدة أتذكرون إشاعاتكم وكيل الاتهامات الباطلة بحق أشرف رئيس لدولة عربية اسمه بشار الأسد أتذكرون إغراءاتكم لإيران السماح لها بتسيد المنطقة شرط التخلي عن الرئيس بشار الأسد أتذكرون المليارات التي عرضتموها على أنبل وأشجع قائد ورئيس لسورية بشار الأسد لقاء تخليه عن سورية، لكن أسد الشهامة والكرامة والعروبة حامي سورية العروبة وهويتها القومية أبى وبقي صامداً بوجهكم حاملاً مشعل سورية والمقاومة والعزة والكرامة العربية.

يا من تجهدون في مهمة معقدة لإعادة سورية للجامعة العربية لا نريد منكم جميلاً ولا منة ولتعلموا بأن من ارتكب جريمته بتعليق مشاركة سورية في اجتماعات الجامعة العربية عليه التكفير عن ذنوبه بإعلان عودته إلى سورية وبنقل مقر الجامعة العربية بكل مؤسساتها إلى قلب العروبة دمشق وليس إلى مكان يرفع فيه علم العدو الإسرائيلي.

لا يكفي مطلقاً عودة الجامعة إلى سورية بل وجب على كل من أساء إليها، وتآمر عليها، وشارك التنظيمات الإرهابية في تدميرها، وعمل على ضرب نسيجها الوطني، عليه أن يقدم الاعتذار العلني لسورية ولشعبها المظلوم وعليه أن يعترف بخطيئة عرب النفط والتطبيع التي ارتكبت بحق سورية وشعبها وجيشها.

لن أنسى ولن أسامح،

وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد وفي مقابلة صحفية قال: يجب علينا ألا نبقى في الماضي وعلينا التطلع نحو المستقبل وسورية قلبها مفتوح للإخوة العرب وسورية متسامحة حرصاً منها على العمل العربي المشترك خدمة لقضايانا ولأجيالنا العربية

نقول:

نقر ونعترف بأن للدول مصالحها ومصلحة سورية وشعبها تكمن بالانفتاح على الإخوة العرب حرصاً منها على المصلحة العربية المشتركة من أجل الحفاظ على الحد الأدنى من التضامن العربي والحد ما أمكن من موجة التطبيع المذل مع العدو الصهيوني ولمنع انهيار القيم في المجتمع العربي وصوناً لمستقبل الأجيال القادمة.

أسمح لنفسي بالقول:

من سولت له نفسه النيل من سورية مرة يمكن له تكرار ما أقدم عليه مراراً لطالما بقي العبد عبداً مأموراً لا يملك قراره الحر، ولأنها سورية العروبة سورية القومية ولأن لا مكان فيها للطائفية ولا للمذهبية ولأنها الهوية العربية القومية ولأنها الرصيد المتبقي لنا من كرامة عربية ولأنها لم تبدل تبديلاً ولأن معالي الوزير فيصل المقداد أعلنها سورية المتسامحة فإنني أعتذر من معالي الوزير المقداد ومن سورية لأنني لن أنسى ولن أسامح.