على الرغم من حديث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في لحظة تكليفه، عن ضمانات خارجية وداخلية حصل عليها، يبدو أن فرص نجاح حكومته تتراجع يوماً بعد آخر، بسبب عدم توفر الأدوات التي تحتاجها للتصدي إلى الملفات الملحة، بدليل ما يحصل على مستوى أزمة المحروقات وسعر صرف الدولار في السوق السوداء.

في المقابل، يبدو أن بعض الأفرقاء المشاركين في الحكومة قرروا، بشكل غير مباشر، بدء مرحلة التصويب عليها، خصوصاً تيار "المستقبل" الذي قدّم ملاحظات على أداء ميقاتي، بينما كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري "يشطب" شهراً من مهلة الـ3 أشهر، التي كان قد تحدث عنها في الماضي، متحدّثاً عن مهلة شهر ونصف الشهر كي تنجح أو تفشل، مصوّباً من بوابة فتح معركة التعيينات.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ التركيز، محلّياً وخارجياً، تحول من الاجراءات الإصلاحيّة، التي كان من المفترض أن تقوم بها الحكومة الجديدة، إلى ضمان حصول الانتخابات النّيابية المقبلة، على قاعدة أنها من المفترض أن تقود إلى انتاج توازنات جديدة يبنى عليها.

وتلفت هذه المصادر إلى أن أبرز الرسائل السلبيّة على هذا الصعيد جاءت من المملكة العربيّة السعوديّة، التي كان يراهن رئيس الحكومة على نجاح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تبديل موقفها من الملف اللبناني، لكن سريعاً تبين له أن الرياض ليست في هذا الوارد، بل هي على رأس قائمة الدول التي ترغب في إنتظار الانتهاء من الاستحقاق الانتخابي.

على هامش هذه المهمة، ترى المصادر نفسها، أن الحكومة تستطيع العمل على تحضير الأرضية للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والبحث في مشاريع الحصول على الغاز المصري والكهرباء من الأردن، إلا أنّها ترسم الكثير من علامات الاستفهام حول قدرة هذا المسار على الوصول إلى نتائج عمليّة في وقت قريب، لا سيّما أنّ هناك من يعتبر عدم فتح باب الاصلاحات في قطاع الكهرباء مؤشّر سلبي لا يمكن تجاهله.

إنطلاقا من هذا الواقع، تعتبر المصادر السّياسية المتابعة أنّ المرحلة المقبلة ستكون مرحلة صراعات من العيار الثقيل بين كافّة الأفرقاء، سواء المشاركين في الحكومة أو الذين قرروا البقاء خارجها، نظراً إلى أنّ الحملات الانتخابيّة انطلقت من الناحية العمليّة، وبالتالي لا يمكن الرهان على تسهيلات تقدّم من هذا الفريق أو ذاك، بل يجب انتظار المعارك التي ستكون مفتوحة على كافة الاتجاهات.

من وجهة نظر هذه المصادر، لم يقدّم الأفرقاء المشاركين في الحكومة التسهيلات التي تحتاج لها حكومة ميقاتي، الأمر الذي ينعكس على آلية عملها التي لا ترتقي إلى مستوى التحدّيات، وهو ما قاد إلى خسارتها ما يُسمى بـ"صدمة التشكيل"، بدليل ما يحصل على مستوى سعر صرف الدولار في السوق السوداء، من دون تجاهل التداعيات الاقتصاديّة والاجتماعيّة الّتي تترتّب على ذلك، بالنسبة إلى إرتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات لا سيّما المحروقات.

بالإضافة إلى ذلك، ترى المصادر نفسها أنّ الحركة الدبلوماسيّة التي تشهدها البلاد لا توحي بالبحث عن كيفية مساعدة الحكومة، بل هناك مؤشّرات على أنّ الساحة اللبنانيّة ستكون، في الأشهر المقبلة، ساحة صراع دولي متعدّد الأطراف، أبرز أركانه الولايات المتحدة وإيران، في حين أنّ الرهان الوحيد، الذي من الممكن أن يعلّق عليه ميقاتي الآمال، يكمن بصحّة ما تحدّث عنه وزير الخارجية الايرانيّة حسين أمير عبد اللهيان، خلال زيارته إلى بيروت، عن تقدّم على مستوى العلاقات السعوديّة الإيرانيّة.

في المحصّلة، فرص نجاح حكومة ميقاتي تتراجع يوماً بعد آخر، لا سيّما إذا ما استمرّت على وتيرة العمل الحاليّة، الأمر الّذي يهدّد قدرتها على معالجة الحدّ الأدنى المطلوب منها، فهل يتحوّل تركيزها إلى إجراء الانتخابات فقط؟.