أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "ان العمل الحكومي يتركز في الوقت الراهن على ملف أساسي هو الكهرباء التي تكلف الخزينة العامة ملياري دولار سنويا من دون وجود خطة مستدامة للحل".

جيد، لكن السؤال متى وكيف نصل الى التوازن المالي في مؤسسة كهرباء لبنان فلا تعود تحتاج الى سلفات خزينة تتسبب باستنزاف ميزانية الدولة وتموّل ذاتها من ايراداتها الخاصة؟.

يبدو هذا الأمر بعيد المنال او ضرب من الخيال في وضعنا الراهن اليوم حيث تتركز الجهود للحفاظ على استقرار الشبكة المهدّدة بالانهيار التام، وفي ظل تحديات كبيرة تواجهها المؤسسة تبدأ من ارتفاع اسعار المحروقات وسعر صرف الدولار، اضافة الى تعرفتها الزهيدة، ولا تنتهي بالهدر الفنّي وقِدَم وضعف المعامل والصيانة، ومشاكل الادارة والكادر البشري وما الى هنالك، لكن لا شيء مستحيل.

مصدر مطلع رأى عبر "النشرة" ان المشكلة تختصر بثلاثة أمور:

1-كلفة الانتاج اذا قررنا نحن بعد ان بنينا معامل تعمل مبدئيًّا على الغاز ان ننتج الكهرباء بالفيول الاقذر بيئيا للاسف بكلفة هي الاغلى عالميا.

2-عامل الهدر على الشبكة حيث انه خلال عشرات السنين غاب أي استثمار عليها وارتفع كثيرا عدد المشتركين دون أي انفاق لمواكبة الزيادة في الاستهلاك، فتضاعف الهدر بشكل كبير.

3-تأتي التعرفة الارخص عالميا وهذا قبل تدهور سعر صرف الدولار، لانها موضوعة ومثبتة مذ كان سعر برميل النفط بـ15 دولارا ليصل سعره فيما بعد الى 150 ويتراجع بين 70 و80 دولارًا، وبقيت التعرفة على حالها.

تشرح المصادر نفسها ان العمل على هذه الأمور الثلاثة، من شأنه ان يؤدي الى التوازن المالي! أي اولاً التحول الى الغاز لتشغيل المعامل، حيث لدينا معملان متوقفان صُنِعا لتوليد الطاقة على الغاز الّذي لا يصلهما! وثانيًا تتمثل بتخفيف كلفة الانتاج والحدّ من الهدر والمحافظة على التحسينات التي حصلت مع شركات مقدّمي الخدمات، والعمل للوصول الى نسبة هدر اقل من 10%، وثالثا، اتخاذ القرار بزيادة التعرفة، اذ لا يجوز ان يكون الكيلواط ساعة في كهرباء لبنان سعره مئة ليرة بينما تسعيرة المولدات الخاصة 4 آلاف ليرة، طبعا مع ضرورة الاخذ بعين الاعتبار وضع العائلات الفقيرة إمّا بالسعر المخفّض باعتماد الشطور او المساعدة المباشرة لصغار المستهلكين.

لكن كيف هي أحوال الجباية وكم تغطّي من نسبة الاكلاف؟ وهل تراجعت بسبب الازمة الّتي تعصف بلبنان حاليًّا؟. يجيب مدير عام احدى شركات مقدمي الخدمات في المنطقة الاولى شارحا لـ"النشرة" الى "اننا حين استلمنا الجباية والصيانة وملاحقة معاملات الزبائن عام 2012 كان الهدر على الشبكة يصل الى 50%، مع وجود تأخير كبير بإصلاح الاعطال وتلبية طلبات الزبائن، وتوصلنا أواخر عام 2019 الى خفض الهدر الى اقل من 20%، واصلاح الاعطال بنسبة 99% في اليوم نفسه. وكان معدل تلبية طلبات الزبائن يستغرق 16 يوما على الاكثر. ويتابع المسؤول أنّه "منذ سنة هناك انقطاع شبه تام لأيّ مدخول من مؤسسة كهرباء لبنان لدفع فواتيرنا وديوننا المتراكمة، ورغم اننا تحملنا هذا الوضع أصبح الوضع اليوم مزرٍ، حيث مستودعاتنا وأصبحنا غير قادرين على معالجة الاعطال والمعاملات، فاعتمدنا في بعض الأوقات على مساعدة البلديات، او حتى على الزبون نفسه ليدفع من جيبه والمساعدة في الاصلاح"، ويضيف المدير المسؤول "ان التأخير في المعاملات يترجم هدرا اضافيا على الشبكة ولا يمكن ان اطمئن الى ان تراجع العجز الذي توصّلنا اليه لم يزل قائما ولكن كان طموحنا تخفيضه الى 10 او 8% أسوة بالمعدّلات العالميّة، والأمر يتطلب فقط استثمار وادارة الشبكة بشكل جيد اذا تأمن الدعم المطلوب من الحكومة والوزارة والمؤسسة".

وأردف متابعًا، "ان ما حققناه في الجباية زاد من قيمة الاصدارات لنفس ساعات التغذية، بسبب متابعة وملاحقة عمل الجباة والتأكد من وجودهم امام العدّاد حين يقرأونه، ممّا أمّن حقوق مؤسسة كهرباء لبنان، لكن اليوم مع تدهور الوضع الاقتصادي وانهيار الليرة وتدني قدرة المشتركين واقفال العديد من المؤسسات كالمطاعم والفنادق والمراكز التجارية، من الطبيعي ان تتراجع الجباية (95%) وهي لم تعد لها قيمة لانها بالليرة اللبنانية.