إذا طالت مساحة البحث عن مخارج سياسية - قضائية من دون الوصول إلى إتفاق، فإن البلد سيدفع الثمن جرّاء أي جمود. لذا، لا يوجد مصلحة لأي فريق بأن يحصل شلل حكومي لعدة أسباب:

اولاً، يعاني اللبنانيون من أزمات معيشية تتطلّب تنفيذ خطوات حكومية سريعة، خصوصاً إزاء الإصلاح المنشود لجذب مساعدات وهبات وقروض مالية دولية ميسّرة يحتاجها البلد.

ثانياً، إن الحكومة الحالية هي آخر حكومات العهد الرئاسي، في حال مقاربة مسارات التأليف الحكومي المعتادة في لبنان: لن تكون ولادة حكومة ما بعد الانتخابات سهلة، كما جرت العادة في السنوات الأخيرة. ومن هنا لا مصلحة للعهد الرئاسي بشلل حكومي ينسف آخر مراحله.

ثالثاً، تتحضّر القوى السياسية لخوض انتخابات نيابية، تُمسك إدارتها حكومة أصيلة، لا وزارات تصريف الأعمال.

رابعاً، ترصد العواصم الدولية المشهد اللبناني، وهي ستتشدّد في إجراءاتها ضد القوى السياسية، وتمسك سيف العقوبات، مما يفرض على تلك القوى تسهيل الحلول واستيلاد المخارج السياسية لأي مشكلة.

وبالفعل، كان هناك توجه لتسويق مشروع حلٍ في ملف التحقيق في قضية تفجير المرفأ، حمله معه وزير الثقافة محمد مرتضى الى طاولة مجلس الوزراء، وجرى على اساسه الاتفاق ان يدوزن وزير العدل مع مرتضى المشروع، لكن السقوف السياسية اطاحت بالملف، فرفع رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ جلسة مجلس الوزراء.

بعدها، حصلت اتصالات لإيجاد حل، وتمّ طرح مخارج لائقة لا تكسر أحداً، لكن حادثة الطيونة فرضت اعادة النظر عند الثنائي حركة “أمل" - "حزب الله" بمشاريع المخارج التي كانت مطروحة، بعد سقوط دماء، وتمّ التمسك بعنوان: تنحية القاضي طارق البيطار، لا أقل ولا غير.

وبحسب المعلومات فإن الطروحات التي جرى تقديمها بعد ذلك لا ترقى إلى عنوان الثنائي المذكور، مما يُبقي الأمور في إطار المراوحة.

فماذا سيفعل رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​؟.

يقول مطّلعون انه يعمل على خط البحث عن مخرج قضائي-سياسي لا يكسر أحداً، وهو ينطلق من الجسم القضائي الذي سيذهب الى ورشة "ترتيب نفسه بنفسه" بعدما تراكمت علامات الاستفهام حول اداء قضاة. فهل نذهب الى عملية تشكيلات قضائية كاملة؟ يتم طرح الموضوع، لكن العقبات تكرر ذاتها، وهي كانت اطاحت بالتشكيلات السابقة وجمّدتها في أدراج رئاسة الجمهورية لغاية الآن.

يضيف المطّلعون انفسهم ان ميقاتي فكّر في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، فإذا لم يحضر الوزراء الشيعة تفقد ميثاقيتها، فلا يعقدها. لكن المطّلعين يقولون ان رئيس الحكومة لن يدعو الى جلسة في الظروف الحالية، بل هو سيُعطي المساعي وقتاً اضافياً قبل اتخاذ اي خطوة نحو أي إتجاه.

بالإنتظار، يستكمل رئيس الحكومة خطواته بإتجاه ترتيب ملفات التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وهو لن يستقيل ولن يفجّر حكومته بأي موقف. يبدو ان العزم عنده قائم لتحمل المسؤولية لغاية تنظيم واجراء الانتخابات النيابية. يبدو انه لا يزال يمسك العصا من منتصفها في دوزنة سياسية دقيقة، في ظل ظروف صعبة لبنانياً، ومفصلية اقليمياً.