قد تراجع محصُول الثّروة السّمكيّة النّيليّة الّتي تُعتَبر مصدرًا رئيسيًّا لل​مصر​يّين وبخاصّةٍ أَسماك البلطي والبوري... وفي حال التّشغيل الخاطِئ لـ"سدّ النّهضة"، يُمكن أَيضًا تضرُّر إِنتاج ​الكهرباء​ مِن السدّ العالي. وقد تتوقّف تمامًا عن العمل إِذا حدث تراجُعٌ كبيرٌ في مَنْسوب النّهر لسنواتٍ طويلةٍ، يتمّ خلالها السّحب مِن مخزون بُحَيْرة ناصر المُغذّية للسدّ العالي، لتعويض تراجُع تدفُّق النّيل، ما يُؤَدّي إِلى انخفاض منسوب البُحَيْرة إِلى مُستوياتٍ قد لا تكون قادرةً على تشغيل "توربينات" السدّ.

ووَفقًا لما يقوله بعض الخُبراء، فإِنّ في أَسوإِ السّيناريوهات، وهو سيناريو الملء السّريع، سيفقد قُرابة 4 ملايين و750 أَلف مُشتغلٍ بالزّراعة مصدر دخلهم، وهي نسبةٌ تصل إِلى حوالَيْ ثلاثة أَرباع العامِلين في القِطاع. وأَمّا السّيناريو الأَكثر تفاؤُلًا وهو الملء على سنواتٍ بعيدةٍ تصل إِلى 29 سنةً وسط قواعد واضحة للتّشغيل فإِنّ مصر ستفقد 3 مليارات متر مكعب سنويًّا مِن ​المياه​ وهي خسارةٌ يُمكن تعويضها والتّعامل معها بحُلولٍ بديلةٍ بخاصّةٍ وأَنّ البلاد دخلت بالفعل في منطقة ​الفقر​ المائيّ، وَفقًا لمعيار الأُمم المُتّحدة الّذي حدّد نصيب الفرد مِن المياه سنويًّا بنحو أَلف مترٍ مكعبٍ، بينما لا يتجاوز نصيب الفرد في مصر الآن أَكثر مِن نصف هذا الحدّ.

ومِن مخاطر التّشغيل الخاطئ للسدّ أَيضًا، ما يتسبّب بزيادة مُعدّلات التصحُّر، وما يُمكن أَن يُسبّبه ذلك مِن تغييراتٍ مُناخيّةٍ تتمثّل في تقلُّباتٍ في الطّقس، وارتفاعاتٍ حادّةٍ في ​درجات الحرارة​...

وبعيدًا مِن هذه الخسائر البيئيّة والاقتصاديّة، يُشير خُبراء إِلى خسائر ثقافيّةٍ وتُراثيّةٍ وحضاريّةٍ، حَيْث يعتبرون النّيل بالنّسبة إِلى مصر أَكبر مِن مُجرّد مَوْردٍ اقتصاديٍّ بقدر كَوْنه مُكوّنًا مِن مُكوّنات الدّولة، وأَحد معالمها...

حتّى أَنّ مسؤُولين وخُبراء مصريّين أَكّدوا أَنّ "سد النّهضة مُصنّفٌ دوليًّا ضمن المشروعات الأَكثر خُطورةً، وأَنّ احتمالات انهياره واردةٌ. وأَمّا ما يُذكّي هذا الرّأي فيعود إِلى "الواقع الجيولوجيّ للمنطقة، وعدم تحمّلها لإِنشاءات خرسانيّة"، وإِذا انهار السدّ فسيكون الوضع كارثيًّا على السُّودان.

ويرى الدّكتور محمّد عبد العاطي، وزير الموارد المائيّة والريّ المصريّ، أَنّ "في سدّ النّهضة عُيوبًا جسيمةً أُعلنَت، وثمّة عُيوبٌ أُخرى لم تُعلن". وقال إِن "الدّولة المصريّة تعمل بكُل أَجهزتها على مدار السّاعة، وستتخذ القرار في الوقت الّذي يُناسبها ووَفقًا لمصالحها"، مُشيرًا إِلى أَنّ بلاده شاركت في بناء الكثير مِن السُّدود في بعض الدُّوَل الأَفريقيّة.

إلى ذلك، ثمّة دراساتٌ كثيرةٌ، كشفت عن مخاطر سدّ النّهضة وبعض العيوب فيه، ولذلك ضغطت دولتا المصبّ (مصر والسُّودان) على إِثيوبيا كثيرًا، لتلافي تلك العُيوب وتجنُّب المخاطِر... مع الإِشارة إِلى أَنّ حجم السدّ كبيرٌ جدًّا، وارتفاعه يبلغ 145 مترًا وعرضه 1850، وتمتدّ بُحيرة التّخزين فيه لمسافةٍ تقترب مِن 246 كلم خلف السدّ، والسّعة التّخزينيّة له تبلغ 74 مليارًا على منسوب 640 مترًا فوق مُستوى سطح البحر، ولو تمّ بناؤُه بالمقاييس القائمة، فسيكون مِن أَكبر 10 سُدودٍ في العالم، وأَمّا مادّة بناء السدّ فإِسمنتيّة، بَيْدَ أَنّ "معامل الأَمان فيه مُنخفضةٌ جدًّا"، ولا تتعدّى 1,5 درجة بمقياس ريختر، بينما معامل الأَمان للسدّ العالي فهي 8 درجات.

وبالاستناد إِلى تقريرٍ خاصٍّ في هذا الشّأن أعدّه أَصفو بييني، أُستاذ الهندسة الميكانيكيّة في "جامعة سانتياغو" في ولاية "​كاليفورنيا​" الأَميركيّة، يُؤَكّد فيه أَنّ سعة بُحيرة سدّ النّهضة وحجمه مُبالغٌ فيهما بما لا يقلّ عن 300 %، وأَنْ ينبغي تقليص السدّ إِلى ثُلث مواصفاته الحاليّة، لكي يصبح آمنًا، ولا يزيد حجم التّخزين فيه عن 14,5 مليار متر مُكعب مِن المياه. كما ويجب أَلّا يزيد ارتفاعه عن 85 مترًا. ووَفق تقرير بييني فإِنّ الأَوضاع الجيولوجيّة للمنطقة الّتي يُقام فيها السدّ زلزاليّة، وتاريخها يشير إِلى ذلك، حيث يُشكّك الخبير الأَميركيّ في تقريره في شأن مدى تحمُّل السدّ للفيضانات الجارفة الّتي تحدث 7 مرّاتٍ كُلّ 20 عامًا، مُؤَكّدًا أَنّ مثل هذه ​الفيضانات​، يُمكن أَن تطيح بالسدّ نفسه.

كما ويقع السدّ على فالقٍ أَرضيٍّ خطرٍ في منطقةٍ زلزاليّةٍ وبركانيّةٍ، ولو تمّ تخزين مياه بالحجم الّذي تنوي إِثيوبيا تخزينه فيه، فرُبّما يُؤدّي ذلك إِلى كارثةٍ إِذا حدث انفراجٌ للفالق الأَرضي، كما وتزداد المخاوف بسبب وقوع السدّ في منطقة الأخدود الأَفريقيّ الشّرقيّ المعروف بنشاطه الزّلزاليّ المُرتفع نتيجة كثرة التصدُّعات والشُّقوق وحركة القشرة الأرضيّة في نطاقه.