حتى الساعة، لا أحد يعرف الأسباب الموجبة التي دفعت مجلس النواب إلى الذهاب إلى إدخال تعديلات على قانون الإنتخاب قبل أشهر قليلة من موعد الإستحقاق، خصوصاً أنّها قد تدخل البلاد في مواجهة قانونيّة خطيرة، في ظلّ توجّه تكتل "لبنان القوي" إلى الطعن بالتعديلات التي حصلت أمام المجلس الدستوري.

في الفترة الماضية، رفضت القوى السياسية كل إقتراحات الذهاب إلى إنتخابات نيابيّة مبكرة، لكنها فجأة قرّرت أن تقرّب موعدها لتحصل في شهر آذار، غير مهتمّة بالظروف التي سترافق هذه العمليّة، لا سيّما بالنسبة إلى أحوال الطقس وإحتمال أن تكون غالبية الطرقات الجبليّة مقفلة.

في هذا السياق، يبدو أنّ البلاد دخلت، في المرحلة الراهنة، معركة عنوانها المهل القانونيّة، بدأها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، من خلال إستعجال إصدار القانون الرامي لتعديل قانون إنتخاب أعضاء مجلس النواب، في إحالته إلى رئاسة مجلس الوزراء، بحسب ما تؤكد مصادر متابعة لـ"النشرة"، نظراً إلى أنه في هذه الحالة حصر مهلة الإصدار، التي هي من صلاحيات رئيس الجمهورية، بـ5 أيام.

في هذا الإطار، تلفت المصادر نفسها إلى أن المادة 56 من الدستور تنص على أن الرئيس يصدر القوانين خلال شهر بعد إحالتها إلى الحكومة ویطلب نشرها، أما القوانین التي یتخذ المجلس قراراً بوجوب استعجال إصدارها، فیجب علیه أن یصدرها خلال 5 أیام ویطلب نشرها.

من جانبه، يوضح الخبير الدستوري عادل يمين، في حديث لـ"النشرة"، أنه لرئيس الجمهورية، خلال مهلة الإصدار، صلاحيّة ردّ القانون، طالباً إعادة النظر به، أو تركه يُنشر من دون توقيعه، أو إصداره مع توقيعه، ويلفت إلى أنّ مجلس النواب بحاجة إلى الأغلبيّة المطلقة (65 نائباً) بحال ردّ القانون من قبل رئيس الجمهورية.

بعد ذلك، يشير يمّين إلى أنّه يمكن لرئيس الجمهورية أو رئيس المجلس النيابي أو رئيس الحكومة أو 10 نواب الطعن به أمام المجلس الدستوري، خلال مهلة 15 يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وعندها يكون أمام المجلس الدستوري مهلة تقارب الشهر للبت بالطعن.

حول كل ما يُثار على هذا الصعيد، يعتبر الخبير القانوني والدستوري سعيد مالك، في حديث لـ"النشرة"، أن الأجواء المنقولة حول ما حصل في المجلس النيابي غير دقيقة، نظراً إلى أنّه لم يذهب إلى تحديد موعد 27 آذار لإجراء الإنتخابات، لكن من الناحية المبدئيّة قصّر المهل. وبالتالي فتح المجال أمام إمكانيّة إجراء الإستحقاق في هذا الموعد أو في شهر أيار، نظراً إلى أن تحديد الموعد يعود إلى وزير الداخليّة والبلديّات، على أن يصدر ذلك بمرسوم عادي يوقع، بالإضافة إليه، من قبل وزير المالية ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.

بالنسبة إلى إمكانية الطعن في المواد الأخرى، لا سيما تلك المتعلقة بتصويت المغتربين، يوضح مالك أن موضوع الطعن، الذي لوّح به باسيل، يتعلق بتحديد موعد الإنتخابات وهذا لم يحصل، أما لجهة مقاعد المغتربين أشار رئيس "التيار الوطني الحر" إلى أنّه سيطعن إستناداً لمبدأ الأمان التشريعي والحقوق المكتسبة، بينما يرى مالك أن هذا الطعن، بحال قدم، سيرد حكماً، كون التعليق الذي حصل لم يسقط حقّ المغتربين في المشاركة بالعمليّة الإنتخابيّة، إنما أبقى عليه في الدوائر الـ15 ولم يذهب إلى إستحداث الدائرة 16، وبالتالي ليس هناك من إغتصاب لحقوق المنتشر اللبناني.

من وجهة نظر مالك، الأمان التشريعي لا ينشئ حقاً مكتسباً في ظلّ قانون مخالف أصلاً للدستور، حيث أن المادة 24 من الدستور تنص على توزيع المقاعد النيابية بين المسلمين والمسيحيين ونسبياً بين الطوائف والمناطق، ما يعني أن الدستور تحدث عن دوائر داخل الحدود اللبنانية وليس خارجها. ولا يعتبر أن هناك خطراً على موعد الإستحقاق الإنتخابي من جراء ذلك، نظراً إلى أن المجلس الدستوري من المفترض أن يبتّ بأي طعن خلال شهر، وبالتالي البلاد لم تدخل في الأمتار الأخيرة على هذا الصعيد.

أما يمين، فيشير إلى أن إبطال القانون يعني الإستمرار بالقانون الحالي النافذ، وبالتالي المهل والإجراءات التي تعتمد على هذا الأساس، إلا بحال تم إقرار قانون آخر يعدلها من جديد، ويعتبر أن على السلطات المعنية، خصوصاً وزراتي الداخلية والبلديات، الإستمرار بالإجراءات على أساس القانون الحالي، خصوصاً إذا رد القانون رئيس الجمهورية لأنه عند ذلك لا يكون منشورًا بعد.

ويوضح يمين أنه "في حال الطعن به أيضاً، فإنّ المجلس الدستوري يستطيع، فور وصول طلب الإبطال، أن يعلّق تنفيذه لحين البتّ بأساس القضيّة"، وبالتالي مسؤوليّة الوزارتين العمل على أساس القانون النافذ الذي أقرّ في العام 2017، بينما في حال نُشر القانون ولم يجمّده المجلس الدستوري يعملان بموجب القانون الجديد.

في المحصّلة، هناك مجموعة من الأسئلة التي لا تزال من دون أجوبة، حتى الآن، بالنسبة إلى مصير التعديلات التي أقرّها المجلس النيابي على قانون الإنتخاب، تبدأ من الخطوة التي سيقوم بها رئيس الجمهورية ولا تنتهي عند إمكانية الطعن به من قبل تكتل "لبنان القوي"، بل تتطلب أيضاً إنتظار قرار المجلس الدستوري في حال التقدمّ بالطعن.