اكد ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ دعمه للاعلام، بعيداً عن الشتائم، معتبراً ان "الاعلام الحر الصادق هو بمثابة "بوصلة" للمسؤول يساعده في اتخاذ قراراته، واذا لم يقم بهذا الدور، يضرّ الاعلام نفسه." وطالب الاعلام بممارسة النقد البنّاء، وبأن تكون حرية الاعلام تحت سقف الحقيقة مهما كانت هذه الحقيقة، مشدداً على دعمه الكامل للحرية الإعلامية في هذا السياق، ولكن "بعيداً عما نشهده مثلاً في وسائل التواصل الاجتماعي من شتائم لا تخضع للقضاء ولا للقوانين"، مشيراً الى ان سبب مهاجمته من قبل وسائل علام يعود الى كونه يطبّق مواد الدستور الذي اقسم على المحافظة عليه.

ولفت خلال استقباله قبل ظهر اليوم في ​قصر بعبدا​، وفد ​المجلس الوطني للاعلام​ برئاسة رئيسه ​عبد الهادي محفوظ​. الى انه عقب احداث الطيونة وما شهدته، اجرى اتصالات بالاطراف المعنية وليس بطرف واحد بغية تهدئة الامور، لافتاً الى انه في ضوء النقاشات التي شهدتها الجلسة الاخيرة ل​مجلس الوزراء​، ارتأى رئيس الحكومة عدم الدعوة الى جلسات جديدة قبل حل المشكلة بشكل ملائم. وطمأن الى ان ​لبنان​ لن يتنازل عن حقوقه في المفاوضات غير المباشرة لترسيم حدوده البحرية، والى ان ​اللبنانيين​ سينالون حقوقهم.

وشكر محفوظ ​الرئيس عون​ على استقباله للوفد، وقال: "ان للاعلام دوراً كبيراً ومهماً، كونه يصنع الرأي العام ويوجهه، ونحن نعرف ان فخامة الرئيس هو مع الاعلام الحر الذي يستند الى المعلومة الصحيحة والدقيقة المستندة الى مصدر موثوق، باعتبار ان احدى ثروات لبنان الأساسية هو الاعلام وخصوصا الاعلام الحر الذي يمتاز به عن باقي دول المنطقة، حيث يكون الاعلام اجمالاً في خدمة الحاكم، حيث يطال النقد حتى الرؤساء، وهي مسألة إيجابية يتقبلها الرؤساء على اختلافهم، ولكن هناك اعتراض من المجلس الوطني للاعلام والرؤساء والرأي العام على سياسات القدح والذم والإساءات الشخصية والتشهير، خصوصاً وان هذه المسائل ليست في مصلحة الاعلام."

وشدد على أنه لا شك ان واقع الاعلام صعب جداً على الصعيد المالي، لذلك ينبغي على الدولة الاهتمام بالواقع الإعلامي، وان يكون للاعلام الدور المهدىء والداعي الى الحوار ومعالجة المشكلات، خصوصاً في هذه الأيام الصعبة الحالية، و"نحن نتوقع ان يكون هناك دور أساسي لفخامة الرئيس، ونحن وراءكم، لمعالجة ما نحن فيه من أزمات، لان الوضع على شفير الانهيار اذا لم تتم المعالجة الصحيحة، ونحن نرتقب من فخامة الرئيس ان يكون السبّاق الى جمع الشمل وإيجاد الحلول التي تسهم في اخراجنا مما نحن فيه.

ورد الرئيس عون مرحباً بالوفد، مؤكداً حرصه على الاعلام ومناداته الدائمة بوجوب ان يكون له الدور الرائد في نقل المعلومات الصحيحة للناس، مشيراً الى غياب الادعاء عبر محكمة المطبوعات، وان تم ذلك، يكون مصير الدعاوى النسيان، بينما تقام المعارك السياسية عبر الاعلام للأسف. واعتبر الرئيس عون ان الاعلام الحر الصادق هو بمثابة "بوصلة" للمسؤول يساعده في اتخاذ قراراته، واذا لم يقم بهذا الدور، يضرّ الاعلام نفسه. ولفت الى ان سبب مهاجمته من قبل بعض وسائل الاعلام، يعود الى كونه يطبّق مواد الدستور الذي اقسم على المحافظة عليه.

وأوضح الرئيس عون، انه تسلم منصبه وكان لبنان رازحاً تحت دين 152 مليار دولار، وزادت عليها الحرب السورية مع تداعياتها الاقتصادية الكبيرة ومسألة النازحين السوريين الذين وفدوا الى لبنان بأعداد كبيرة، تلتها الإضرابات والاقفال، ثم وباء كورونا، وانفجار مرفأ بيروت الذي لا نزال نعيش تداعياته، وصولاً الى احداث الطيونة المؤسفة. وقال رئيس الجمهورية الى انه نادى منذ تسعينات القرن الماضي باجراء الإصلاحات والتغييرات اللازمة لتفادي الوصول الانهيار الاقتصادي والمالي، مشيراً الى ان الامر تطلب اكثر من سنة ونصف لانجاز مسألة التدقيق الجنائي المالي منذ أيام قليلة، وهذه أمور لم يلق الاعلام الضوء عليها، لكنه ساوى للأسف بين الفاسد ومن يحارب الفساد.

ولفت إلى أنه "للأسف، لم يعد هناك من ثقة بين الناس، ولا بينها وبين المسؤولين فحملوا شعار "كلن يعني كلن"، فيما لا يتم استدعاء نائب مثلاً يتهم شخصية بالسرقة او الهدر، للاستماع اليه وتحديد ما اذا كان يملك دليلاً على ما يقول ام لا، فتسود الشمولية في الاتهامات بدل حصرها بالمتسببين فيها".

وشرح محفوظ العوامل التي أدت الى تعطيل قيام قانون موحد للاعلام بما فيها المواقع الالكترونية وغيرها، متحدثاً عن مشروع للاعلام المرئي والمسموع في لجنة الإدارة والعدل منذ نحو سنتين وتم التوافق عليه من قبل طرفي 8 و14 آذار، من شأنه اخراج الاعلام من الاستنساب السياسي ومعالجة المسائل الإعلامية على غرار ما يحصل في فرنسا. وطالب برؤية إعلامية لمعالجة الامر من قبل الحكومة، خصوصاً في ظل استغلال بعض المؤسسات المالية للوضع المالي الصعب في لبنان، وبالأخص لوسائل اعلام.

وردأ على سؤال عن مبادرة لدعوة الدول الشقيقة في المشرق الى ندوة لمناقشة الشراكات الممكنة في هذا الظرف، اكد الرئيس عون ان الظروف الصعبة التي فرضت نفسها أرجات الدعوة الى مثل هذه اللقاءات، مذكّراً بأنه كان تمكن من الحصول على تأييد الأمم المتحدة لاقامة "اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار" في لبنان بمعارضة إسرائيل والولايات المتحدة فقط، وهو امر مهم بطبيعة الحال. وعن مصير التنقيب عن النفط والغاز ومسألة ترسيم الحدود في ظل المخاوف من عدم حيادية الوسيط الاميركي الجديد، شدد الرئيس عون على ان لبنان قبِل بالتفاوض غير المباشر حول الترسيم، وكلّ طرف يضع سقفاً اعلى وادنى لشروطه، ويعمل لبنان على الحصول على السقف الأعلى وفق التفاوض. وطمأن الى ان الوسيط الأميركي الحالي في هذا المجال لا يجب ان يثير قلق اللبنانيين، لانهم سيحصلون على حقوقهم ولن يتنازل لبنان في هذا المجال.