هل يعود الاهتمام الدّوليّ بلُبنان، من بوّابة الحُكومة الميقاتيّة؟ أي هل يُشكّل التأزُّم في العلاقات اللُبنانيّة–السّعوديةّ، مع تسطير إِصرارٍ لُبنانيّ على تنقية تلك العلاقة مِن أَيّ شائبةٍ، جرس إِنذارٍ مفادُه أَنّ الشّعب أَيضًا، وليست الحُكومة فقط، ما عاد يتحمَّل أَيّ نسمة هواءٍ، ولو كانت عليلةً؟!.

وحين يُؤكّد لُبنان أَن ليس في الوارد استقالة الحُكومة فإِنّ ذلك لا يأتي البتّة في سياق التحدّي للسّعوديّين، بل لأَنّ مُجرّد التّلويح بالاستقالة الحُكوميّة، يعني إِطلاق رصاصات الرّحمة وبالجُملة: على الشّعب أَوّلًا... ومِن ثمّ بالتّزمُن والتّوازي على صُندوق النّقد الدّوليّ ومُفاوضاته... والانتخابات والآمال عبرها في التّغيير الحقيقيّ... وأَيضًا على أَيّ أَملٍ في النّهوض من الدّرك الّذي بلغ إِليه لُبنان!...

إستقالةٌ غير واردةٍ

وأَمّا استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي فدونها أَكثر مِن إِشكاليّةٍ... وأَوّلها أَنّ السّعوديّين لن يكتفوا بتقديم قرداحي كبش محرقةٍ، ولا "حزب الله" يرضى بالتسبُّب في ظُلمه وبالمَجّان!... إِذًا: إِستقالة قرداحي "غير واردة"! وهو –إِلى ذلك- لن يستقيل كيلا تسقُط الحُكومة برُمّتها... وفي الانتظار يُحكى عن قرارٍ أَميركيٍّ-فرنسيٍّ باستمرار الحُكومة الميقاتيّة، تقابله ضُغوطٌ لاستقالة الوزير قرداحي غير الواردة حتّى الآن... على اعتبار أنّ أَبعاد الأَزمة "المُفتَعَلة"، تتخطّى استقالته، لِتُطاوِل مواقف لُبنان السّياسيّة والدّيبلوماسيّة... وفي هذا السّياق يأتي كلام وزير الخارجيّة السّعوديّة فيصل بن فرحان عن أَنّ "الإِشكاليّة في لُبنان أَكبر مِن تصريح وزيرٍ، وإِنّما تكمُن في سَيْطرة وكلاء إيران"...

غير أنّ الخارجيّة الأَميركيّة ترى أَنّ "الوقت الآن هو لدعم الحُكومة اللُبنانيّة وتشجيع الاستقرار في لُبنان!"... وواشنطن معنيّةٌ إِلى أَقصى الحُدود بالاستقرار في البلد، وفي بقاء الحُكومة، وإِن كانت لن تتدخّل في الأَزمة بَيْن لُبنان والسّعوديّة.

قساوة سعوديّة

وفيما يطغى الدّوران في الحلقة المُفرغَة... تُسجَّل في الوقت الحاسم مُتابعةٌ محليّةٌ وعربيّةٌ ودوليّةٌ للأَزمة السّعوديّة المُفتَعَلة مع لُبنان... ولكن يبقى مِن غير الواضح سبب "القساوة السّعوديّة" الّتي تحدّث عنها وزير الخارجيّة عبد الله بو حبيب في قوله: "ثمّة قساوةٌ سعوديّةٌ لا نتفهّمُها، فالمشاكل بَيْن أَيّ دولتَيْن يتمّ حلّها عبر الحوار "وما عملنا حوار"، وأَخاف على جورج قرداحي "إِنّو يطلع كبش المحرقة... والاحتمال ما زال مَوْجودًا والحُكومة باقيةٌ"! وفق ما علِمَ بو حبيب من الرّئيس ميشال عون ورئيس الحُكومة نجيب ميقاتي. وأَمّا الأَخير فقد أطلق في وجه الغرب شعاره: "غطّوني أَو أَستقيل"!...

بَيْدَ أَنّ بارقة الأَمل تتجلّى وسط ضبابيّة المشهد المأزوم، مِن خلال "تطميناتٍ" دوليّةٍ تدعم الحُكومة الميقاتيّة بقوّةٍ!... وتلك "القساوة" يرى فيها بعض اللُبنانيّين "ابتزازًا مرفوضًا أَثار فيهم وقفات العزّ"! فلُبنان يرفض "الابتزاز" ولو هدّدته السّعوديّة بعُقوباتٍ اقتصاديّةٍ، وقد منحتِ الرّياض بَيروت "مُهلةً غير مفتوحةٍ لمُعالجة الوضع" لا تتعدّى يَوْمَيْن اثنَين!...