تستمر الصحف السعودية في تصعيد حملتها الإعلامية ضد لبنان، إنطلاقاً من الأزمة الدبلوماسية التي تسببت بها تصريحات لوزير الإعلام جورج قرداحي، مع العلم أن المسؤولين السعوديين، أبرزهم وزير الخارجية فيصل بن فرحان، كانوا قد أكدوا في أكثر من مناسبة أن الأزمة أكبر من ذلك.

في هذا السياق، كان لافتاً ذهاب صحيفة "الجزيرة" السعودية، عبر مقال بعنوان: "صدمة الخليج لقلب لبنان.. هل تعيده للحياة؟"، بعيداً في هذه الحملة، من خلال التحريض المباشر عبر المؤسسة العسكرية، عبر الحديث عن أن "العلاقة مع أي حكومة لبنانية لن تكون مجدية في ظل هيمنة حزب الله على القرار. فدعم الجيش اللبناني يؤول لترسانة حزب الله، ودعم الاقتصاد اللبناني يؤول لخزينة الحزب، وازدهار لبنان يعني قوة عدو مبين لدول الخليج والمصالح العربية، فلم عسى هذه الدول تستمر في علاقات ميؤوس من عوائدها الإيجابية على دول الخليج". وهنا من الضروري سؤال الصحيفة عما إذا كانت تعلم أن الدعم الأكبر يحصل عليها الجيش اللبناني من الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي واشنطن ما كانت لتستمر في هذا الدعم فيما لو كان لديها الحد الأدنى من الشك بأنه يصل إلى "حزب الله".

وكانت الصحيفة قد أشارت إلى أنه "الذي تأمله دول الخليج التي أعلنت سحب دبلوماسييها من لبنان، وطرد السفراء اللبنانيين هو تحريك المياه الراكدة على الساحة اللبنانية، وتذكيرهم بأن لبنان محتل، وناقص السيادة، بوجود هذا الورم السرطاني المسمى زورا حزب الله".

واعتبرت أن "عودة لبنان لأهله كان بحاجة إلى صدمة، وهزة عنيفة من بلدان طالما وقفت مع لبنان، وكان لا بد لدول الخليج (السعودية، الإمارات، الكويت، والبحرين) أن توقظ التيارات الوطنية في لبنان التي استمرأت الوضع الراهن سنين طويلة، وركن بعضها إلى واقع جثم على نفوسهم لدرجة تكييف أجنداتهم السياسية والحزبية والطائفية للتعايش مع حال مشوّه ومتخلّف"، وسألت: "هل تنجح دول الخليج في إفاقة اللبنانيين، وتحشيدهم ضد حزب ومليشيا عميلة، تنتهك سيادة لبنان وتسيّر حكومتها وفقاً لمصالح إيران في لبنان والمنطقة؟ وهل بإمكان اللبنانيين التخلص من هيمنة حزب الله بدون الدخول في حرب أهلية؟".

من جانبها، ركزت صحيفة "عكاظ" السعودية هجومها على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عبر الإشارة إلى أنه "يراهن على الخارج ويقامر بمصير لبنان"، لافتة إلى أن "ميقاتي أدمن الرهان على الخارج، حيث يعقد الاسبوع القادم منتدى باريس للسلام، وعاد الرهان لدى الجميع أن يحضر الملف اللبناني خلال اللقاءات الجانبية الدولية".

ولفتت إلى أن "سيناريوهات الرهان والمقامرة بمصير لبنان هي ال​سياسة​ المتبعة من قبل الجميع ولعقود مضت، وميقاتي الذي عاد من قمة المناخ بجرعة مواجهة حين أرسل الإشارات، وأرسى معادلة "إما قرداحي أو أنا"، ها هو يتراجع ويدخل مجدداً في لعبة شراء الوقت مراهناً ليس على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحسب وإنما على إصرار الداخل والخارج على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، الأمر الذي يتطلب وجود حكومة".

وأضافت: "ميقاتي يلعب على أكثر من وتر، وقد استحصل في الساعات الماضية على جرعة سنية أطلقها المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي دعا الفرقاء على الساحة اللبنانية إلى التعاون مع رئيس الحكومة لاحتواء تداعيات هذه العاصفة والخروج من الأزمة التي ينبغي أن تحل لبنانياً أولاً". وأشارت إلى أن "السؤال ليس موجهاً إلى كل الفرقاء في تلقف دعوة المجلس الشرعي، وهو: هل يحافظ ميقاتي على هذا الدعم السني بوجه تعنت حزب الله؟".