بات مشهد النفايات على الطرقات مشهداً مألوفاً بالنسبة للمواطنين، الذين أصبحوا مضطرين إلى التعايش مع هذا الواقع المرير الاضافي الذي يهدّد سلامتهم وسلامة البيئة، وحتى هذه المسألة مرتبطة بالانهيار الشديد لليرة اللبنانية مقابل الإرتفاع الكبير لسعر صرف الدولار...

مرّت قضية النفايات بأزمات متلاحقة وفي كلّ مرّة عندما تتفجّر تمتلئ الشوارع بالقُمامة حتى إيجاد حلول آنيّة، والمسألة بدأت مع إقفال مطمر الناعمة وصولاً إلى طمر جبل النفايات في صيدا في البحر، مروراً بمطمر الكوستابرافا وبرج حمود وغيرها... ولكن الأزمة الأخيرة خطيرة فعلاً حيث أصبح واضحًا أن المسؤولين تعوّدوا على المشهد وما عادوا يشعرون بالحاجة إلى ايجاد حلول سريعة ويئس المواطنون من الوضع!.

في الوقت الراهن، تقوم شركات متعدّدة بجمع ومعالجة النفايات في الأقضية، فمثلاً في قضاء الشوف وعاليه تتولى شركة "سيتي بلو" هذه المهمّة، في المتن وجبيل وبيروت هناك شركة "رامكو".

وترى مصادر مطلعة على الملف عبر "النشرة" أن "قضية النفايات المتراكمة على الطرقات هي بإختصار مشكلة بين المتعهّدين والدولة بإعادة صياغة الأسعار"، لافتة إلى أنّ "العقود التي كانت قائمة سابقاً لم تلحظ التغيير في سعر صرف الدولار، وبالتالي لم يعد صالحاً العمل بها وهي تحتاج إلى تعديل".

في المقابل، يشرح المسؤول المالي في شركة "رامكو" وليد بوسعيد، لـ"النشرة"، أننا "ورُغم الإنهيار الحاصل في العملة وفي البلد لازلنا نتقاضى على دولار 1500 ليرة"، مؤكدا أننا "ندفع تقريباً حوالي 17 الف ليرة فرق سعر صرف الدولار بين السوق السوداء والذي نتقاضاه، وهذا الأمر دفعنا إلى تخفيض القدرة التشغيليّة"، مضيفاً: "في العقد الموقّع مع الإنماء والإعمار أو مع بلدية بيروت، هناك بنود واضحة تتحدث عن تعديل في سعر الطنّ، في حال حصل ارتفاع في سعر المازوت أو تعديل في الرواتب والأجور أو إنخفضت كميّة النفايات".

إذاً، العقد يُمكن تعديله وقد كان هذا عنوان جلسة المجلس البلدي مؤخّرًا في بيروت، للتباحث في الموضوع حول تعديل عقد النفايات. كذلك حاولت "النشرة" الاتصال برئيس مجلس الإنماء والاعمار نبيل الجسر للإطلاع على ما سيقوم به المجلس لمعالجة هذه القضيّة لكننا لم نلقَ جواباً.

في هذا السياق حاولت "النشرة" الاتصال بوزير البيئة ناصر ياسين، للإستفسار أيضاً عن الخطّة التي وضعتها وزارة البيئة لمعالجة أزمة النفايات ولكن أيضاً لا جواب، ووزير البيئة كان متواجداً لأكثر من أسبوع في "غلاسكو" لمتابعة مؤتمر التغيير المناخي، فأيهما أهمّ مؤتمر تغيير المناخ أم النفايات التي تأكل شوارع المناطق في لبنان؟ أيعقل أننا وصلنا إلى حدّ أن متابعة الأمور خارج لبنان هي أهمّ وأبدى من حلّ مشاكل المواطنين؟.

أبعد من ذلك ما يحصل في الشوارع اللبنانيّة يحتاج فعلاً إلى أن "تقوم القيامة"، فهل يرضى أيّ مسؤول أن تفترش النفايات الشوارع قرب منزله مثلاً؟، وماذا يحتاج المسؤولون للتحرّك؟ أن يجمع الناس قمامتهم ويرمونها بالقرب من منازلهم حتى يشعروا بحجم الخطر الذي يؤثّر على حياة الناس؟.