بعد مغادرة وفد جامعة الدولة العربية برئاسة السفير حسام زكي بيروت، طرحت في لبنان العديد من الأسئلة حول مواقف بعض الأفرقاء المحليين، لا سيما أن جميع المؤشّرات توحي بأنّ المواجهة مستمرة في المرحلة المقبلة، بسبب إرتباطها بالعديد من الملفات الإقليمية الملتهبة، خصوصاً في العراق واليمن.

في هذا السياق، كان من اللافت أنّ البيان الصادر عن "حركة أمل"، بعد اجتماع مكتبها السياسي أول من أمس، لم يتناول الأزمة الدبلوماسيّة مع بعض الدول الخليجيّة بأيّ شكل من الأشكال، في إستكمال لـ"صمت" رئيس المجلس النيابي نبيه بري في هذا الملفّ، في وقت كان فيه رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط يخرج عن سياسة "المهادنة" مع "حزب الله"، بينما يؤكّد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، من خلال المواقف التي أطلقها في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أنّه مستمر في مهامه.

في هذا الإطار، تؤكد أوساط سياسية متابعة، لـ"النشرة"، أنّ المعطيات الراهنة لا توحي بإحتمال الوصول إلى حلّ لهذه الأزمة في وقت قريب، لا سيما أن المملكة العربية السعودية لم تظهر أيّ نية بالتراجع عن التصعيد الذي تقوم به، خصوصاً أنها لم تلمس لدى الجهة المقابلة أيّ رغبة في تقديم تنازلات، حيث أنّ وزير الإعلام جورج قرداحي، المدعوم من "حزب الله" حتّى النهاية، لم يظهر أيّ رغبة في الإستقالة أو الإعتذار.

من وجهة نظر هذه الأوساط، هذا الواقع يعود بالدرجة الأولى إلى ما يحصل على مستوى المنطقة من تصعيد على مستوى الملفّات الملتهبة، بدليل المعارك العسكريّة في مأرب اليمنيّة ومحاولة الإغتيال الفاشلة التي تعرض لها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وترى أن هذا الواقع يعود بالدرجة الأولى إلى النكسة التي تعرضت لها المفاوضات الإيرانيّة السعوديّة.

وتلفت الأوساط نفسها إلى أنّ التداعيات على الساحة اللبنانيّة ستبقى ضمن الحدود الحاليّة، إلا بحال ذهبت الرياض إلى المزيد من التصعيد في المرحلة المقبلة أو صدرت المزيد من المواقف التي "تزعجها" من الداخل اللبناني، وتؤكّد أن الحكومة، التي لا تزال تحظى بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا، قادرة على الصمود في ظلّ الأوضاع الراهنة، بالرغم من العقبات التي تحول دون عودتها إلى الإجتماع.

حول هذا الموضوع، تؤكّد مصادر نيّابية، عبر "النشرة"، أنّ الواقع الحكومي لا يزال على حاله، بانتظار حسم المعارك القضائيّة التي تخاض على أكثر من جبهة بسبب ملفّ التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، وتشير إلى أنّ أداء المحقّق العدلي في هذا الملف القاضي طارق البيطار كان هو السبب الأساسي في عرقلة عمل الحكومة، بسبب موقف كل من "حزب الله" و"حركة أمل".

وتلفت هذه المصادر إلى أن من الصعب توقع عودة الحكومة للإلتئام قبل الإنتهاء من هذه المعارك، الأمر الذي يحاول رئيسها التعويض عنه من خلال رفع مستوى الإجتماعات الوزاريّة التي يعقدها، بإنتظار اللحظة المناسبة التي تعيد الحياة إليها، وتضيف: "هذه اللحظة هي ما ينتظره رئيس المجلس النيابي للتحرك أيضاً، نظراً إلى قناعته بأنّ أيّ مبادرة، في الوقت الراهن، سيكون مصيرها الفشل بسبب عدم توفر الظروف المؤاتية".

بالنسبة إلى التصعيد الذي ذهب إليه رئيس "الاشتراكي"، تؤكّد المصادر نفسها أنه، على عكس ما يتم الترويج له في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، لا يعني أن جنبلاط بِوارد الذهاب إلى مواجهة جديدة مع "حزب الله"، بل على العكس من ذلك هو يأتي في السياق الطبيعي لمواقفه، وهو المنهج نفسه الذي يعتمده منذ أشهر طويلة، وتذكر بما كان قد صدر عنه قبل أشهر، عند تركيزه على قضية مؤسسة القرض الحسن.

في المحصّلة، حكومة نجيب ميقاتي الثالثة، بالرغم من كل الضغوط عليها، يبدو أنها قادرة على الصمود، على قاعدة تمرير المرحلة بأقل قدر ممكن من الخسائر بإنتظار اللحظة المناسبة التي من الممكن أن تخرج من دائرة تصريف الأعمال، الأمر الذي من المفترض أن تظهر معالمه عند التحرك الأول من جانب رئيس المجلس النيابي، الذي لن يبقى على "صمته" من الأزمة الدبلوماسية.