تنتظر الساحة اللبنانية، هذا الاسبوع، ما قد ينتج عن زيارة وزيري الخارجية التركي مولود جاوويش أوغلو والقطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت، حيث تطرح الكثير من الأسئلة حول ما اذا كانا يحملان من مبادرة قد تقود إلى معالجة الأزمة الدبلوماسية مع بعض الدول الخليجية، خصوصاً السعودية.

على هامش مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن التغيّر المناخي في مدينة غلاسكو، أكد أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، خلال لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أنه "سيوفد وزير الخارجية القطري إلى بيروت قريباً، للبحث في السبل الكفيلة بدعم لبنان، ولاستكمال البحث في الملفّات المطروحة، ولا سيما معالجة الأزمة اللبنانية-الخليجية".

إنطلاقاً من ذلك، يصبح من المنطقي الحديث عن مبادرة ما من الممكن أن تقوم بها الدوحة، في المرحلة الراهنة، بحسب ما تؤكد مصادر سياسية متابعة لـ"النشرة"، إلا أن الأمر لن يكون بالسهولة التي يتصوّرها البعض، نظراً إلى أنّ المعنيين بهذه الأزمة، أي السعودية و"حزب الله"، لم يظهرا أيّ نيّة في التراجع أو تقديم تنازلات، من الممكن أن تكون الأساس الذي تنطلق منه أيّ مبادرة على هذا الصعيد.

وتشير المصادر نفسها إلى زيارة الأمين العام المساعد لجامعة الدولة العربية أحمد زكي، قبل فترة قصيرة، إلى بيروت، للتأكيد على أن الظروف لم تنضج بعد، نظراً إلى أن زكي لم ينجح في تحريك المياه الراكدة، بل على العكس من ذلك صدرت مجموعة من المواقف التي تؤكد الذهاب إلى المزيد من التصعيد في الفترة المقبلة.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الأمور لا تزال عند طرح قيام الجانب اللبناني بمبادرة قد تمثل بادرة حسن نية، لفتح الباب أمام أيّ وساطة من الممكن أن تقوم بها أي جهة، تتمثل بإستقالة أو إقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، إلا أنّها تشدد على أنّ البحث في هذه المسألة لم ينضج بعد، خصوصاً أن قرداحي كان قد أعاد التأكيد، بعد زيارته رئيس المجلس النيابي نبيه بري الاسبوع الماضي، أنه ينتظر الضمانات التي كان قد طرحها على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.

على صعيد متصل، تدعو مصادر متابعة لهذا الملف، عبر "النشرة"، إلى التوقف عند نقطتين أساسيتين: الأولى هي أنّ وزير الخارجية التركي يزور لبنان قادماً من طهران، أما الثانية فهي أن وزير الخارجية القطري يأتي من الولايات المتحدة، وتشير إلى أن هاتين النقطتين بالغتي الدقة، نظراً إلى أن آل ثاني قد يكون نسّق الخطوة التي سيقوم بها مع الجانب الأميركي، الذي يولي أهمية قصوى للحفاظ على الإستقرار المحلي، بينما أوغلو قد يكون عمد من خلال زيارته إلى طهران إلى تمهيد الأرضيّة المناسبة لتحرك بلاده.

بالتزامن، تعتبر المصادر نفسها أنه لا يمكن الفصل بين الحراكين التركي والقطري، نظراً إلى التحالف الكبير بين أنقرة والدوحة في مختلف ملفّات المنطقة منذ سنوات طويلة، وبالتالي يمكن الحديث عن حراك موحد في هذا السياق، وتذكر بأن الجانبين سبق لهما أن لعبا هذا الدور في لبنان، عندما قادا جهوداَ مشتركة قبل سنوات.

في المحصّلة، تشدد هذه المصادر على ضرورة التمييز بين أمرين جوهريين: الأول هو أن في حال كانت لديهما مبادرة فإن هذا الأمر لا يمكن أن يتم من دون تنسيق مباشر مع السعودية، التي قد لا تفضّل بيع هذه الورقة الدبلوماسيّة إلى الدوحة أو أنقرة، لا سيما أن المصالحة بين المحورين لم يمضِ عليها فترة طويلة. أما الثاني فهو يتضمن إمكانية طلب الولايات المتحدة من قطر أن تلعب دوراً بديلاً عن الدور السعودي في لبنان، الأمر الذي قد يغضب الجانب الفرنسي، الراعي الرسمي لحكومة ميقاتي، نظراً إلى الصراع القائم بين باريس وأنقرة في منطقة شرق المتوسط.