أشار العلامة السيد علي فضل الله، الى أن "الازمات في لبنان تتوالى من دون أن تبدو هناك بارقة أمل لمعالجة التردي الذي يعيشه، بفعل التأزم الحالي على الصعيد الداخلي والانقسام الحاد الحاصل بين مكوناته السياسية أو الطائفية فيما تركه الخارج يواجه مصيره بنفسه، وإن قدم فليس سوى مسكنات بانتظار اتضاح موازين القوى فيه أو ما قد تأتي به المفاوضات التي سيكون لبنان جزءاً منها أو ما قد ينتج من الصراعات التي قد يكون لبنان ساحة من ساحاتها".

وفي خطبة الجمعة، لفت فضل الله الى ان "أبرز هذه الأزمات هي ما يعاني منه اللبنانيون على الصعيد المعيشي والحياتي، حيث يستمر التردي على هذا الصعيد بفعل الارتفاع الهائل في الأسعار، الأمر الذي جعل اللبنانيين غير قادرين على تأمين أبسط مقومات حياتهم من الغذاء والكهرباء وسبل الانتقال، ووصل إلى أن يتهددهم في صحتهم وحياتهم وقدرتهم على الاستشفاء، فباتوا غير قادرين على تأمين الدواء والاستشفاء والذي تفاقم بعد القرار غير المدروس برفع الدعم عن الدواء".

وتابع :"مع الأسف يجري كل ذلك من دون أن تكون هناك بدائل تجعل اللبنانيين قادرين على تحمل أعباء هذه الزيادات، فالبطاقة التمويلية التي وعدوا بأنها ستواكب قرارات رفع الدعم لا تجد طريقها للتنفيذ حتى الآن وقد لا تجده، فيما ليس بالإمكان إصلاح الأجور لتناسب حتى أدنى احتياجات المواطن، خشية أن تنوء بذلك المؤسسات العامة والخاصة ولا تستطيع الاستمرار بسببها، وإذا كان من زيادات تجري فيها فبمبادرة من تلك المؤسسات، وهنا لا بد من أن نقدر المؤسسات التي تقف مع موظفيها رغم الظروف الصعبة التي تعاني منها"، مضيفا :"أما الحكومة التي يفترض بها أن تستنفر كل جهودها لتعالج احتياجات المواطنين قد تفرمل دورها إن لم نقل تجمد إلى أن يفرج عنها، ونأمل أن يكون الفرج قريباً وقريباً جداً".

وأضاف :"لقد قلناها ونقولها لكل اللبنانيين: إن عليكم أن تتدبروا أمركم وتقلعوا أشواككم بأظافركم، وأن تتعاونوا في ما بينكم للخروج من هذه المرحلة بأقل قدر ممكن من الخسائر، ويبقى عليكم أن تفكروا وأنتم تستعدون للانتخابات التي ستجري أيان كان موعدها، أن تدققوا جيداً فيما تختارون لسدة المجلس النيابي وعند من تضعون مستقبلكم ومستقبل أولادكم، بعد أن أصبح واضحاً أهمية هذا الاستحقاق ومدى الرهان عليكم، وإياكم أن تلدغوا من جحور من أفسدوا وأوصلوا البلد إلى حافة الانهيار هذه، وولا يخدعنكم مجدداً الكلام المعسول، أو من يتقن التلاعب بغرائزكم الطائفية والمذهبية أو أن تخضعوا لإغراءات المال ممن يستغل الحاجة إليه في هذا الظرف الصعب والتي يستعد البعض لاستخدامها من الداخل والخارج، وستفتح الخزائن لها".

ورأى فضل الله انه "في هذا الوقت، يستمر التأزم السياسي الذي ينعكس على الصعيد الحكومي بفعل تداعيات الموقف الذي اتخذته بعض الدول الخليجية، والذي قد لا يقتصر على سحب السفراء أو توقف الصادرات اللبنانية، بل قد يتعداه إلى إجراءات جديدة تفاقم من عذابات اللبنانيين وتزيد من معاناتهم، وهنا نأمل أن لا تتم هذه الإجراءات ، وأن يبادر سعاة الخير لحل هذه الأزمة من الداخل أو الخارج، ونربأ بها أن لا تعاقب البلد بمنطق العقاب الجماعي، بل بالحوار الذي هو باب الحلول.. وأعتقد جازماً أن هذا الباب لم يغلقه اللبنانيون بكل طوائفهم ومذاهبهم وتنوعاتهم السياسية الذين أعلنوا ويعلنون أن أيديهم ممدودة، وأن ليس هناك من يريد أن يحكم التوتر العلاقة بين لبنان وبين الدول الخليجية، فالكل يريد أحسن العلاقات".