لفت مصدر وزاري ​لبنان​ي، في حديث إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أنّ "رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​، وإن كان يقاتل على أكثر من جبهة سياسيّة في محاولة لإخراج لبنان من التأزّم الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي، يسعى جاهدًا إلى إعادة تعويم حكومته بمعاودة جلسات مجلس الوزراء، لأنّ هناك ضرورة ملحّة لإنهاء فترة التمديد القسري لتصريف الأعمال الّذي يحاصرها، على خلفيّة إصرار "​الثنائي الشيعي​" على تنحية المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي ​طارق البيطار​، بذريعة اتّباعه الاستنسابيّة والانتقائيّة في ادّعاءاته الّتي طاولت الوزراء السّابقين النوّاب الحاليّين علي حسن خليل ونهاد المشنوق وغازي زعيتر، إضافةً إلى رئيس الحكومة السّابق حسان دياب والوزير الأسبق يوسف فنيانوس".

وأكّد أنّ "ميقاتي ليس في وارد التدخّل في شؤون القضاء، إيمانًا منه بضرورة الفصل بين السّلطات، فإنّه في المقابل يترك للجسم القضائي تصحيح الخلل بتصويب مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، لإعادة الأمور إلى نصابها بتحييده عن التجاذبات والسجالات السياسيّة".

وركّز المصدر على أنّه "مع أنّ دعوة ميقاتي لمعاودة جلسات مجلس الوزراء، الّتي يتعامل معها بجدّية رئيس الجمهوريّة ​ميشال عون​، اصطدمت مجدّدًا بشروط "الثنائي الشيعي" وتحديدًا "​حزب الله​"، الّذي اشتَرط بلسان نائب أمينه العام الشيخ ​نعيم قاسم​ معالجة الأسباب الّتي أدّت إلى توقّف جلساته، على قاعدة التخلُّص من المنظومة القضائيّة، فإنّه يستقوي بالواقع المأساوي غير المسبوق الّذي أصاب السواد الأعظم من اللّبنانيّين، لعلّ الحزب يضطرّ لمراجعة موقفه باتجاه الإفراج عن تعطيله جلسات مجلس الوزراء".

ورأى أنّ "من غير الجائز الإبقاء على الحكومة، بعد مرور شهر على ولادتها، في دائرة تصريف الأعمال، أُسوةً بالحكومة السّابقة الّتي أصدرت فور استقالتها المئات من القرارات والمراسيم الّتي أخذت الحكومة الميقاتيّة علمًا بها، من دون أن يتمكّن مجلس الوزراء من مراجعتها والتدقيق فيها". وأوضح أنّ "الفرق بين الحكومة الحاليّة وسالفتها، يكمن في أنّها تحظى بدعم دولي وبتأييد من معظم الكتل النيابية بخلاف حكومة دياب".

كما شدّد على أنّ "تعطيل جلسات مجلس الوزراء قوبل بامتعاض واستغراب من قبل ​المجتمع الدولي​، الّذي أبدى كلّ استعداد لمساعدتها لإخراج البلد من التأزُّم، مع أنّ ميقاتي استعاض عن تعطيلها بتفعيل عمل اللجان الوزارية لملء الفراغ بشكل موقّت، شرط ألاّ تدوم فترة تصريف الأعمال بواسطة الاعتماد على "المراسيم الجوّالة"، الّتي كان آخرها المرسوم الّذي وقّعه الرئيس عون وميقاتي ووزير الماليّة يوسف الخليل، والرّامي إلى صرف منحة اجتماعيّة للعاملين في ​القطاع العام​ قُدّرت بنصف راتب شهري".

وبيّن المصدر نفسه أنّ "الضرورات، وإن كانت تبيح المحظورات الّتي كانت وراء صرف هذه المنحة الاجتماعيّة، فإنّ صرفها يحتاج إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار مشروع قانون في هذا الخصوص، يُحال إلى المجلس النيابي للتصديق عليه"، مؤكّدًا أنّ "البرلمان نأى بنفسه عن التدخّل دفاعًا عن صلاحيّاته، تقديرًا منه للظّروف الاقتصاديّة الصعبة الّتي يمرّ بها جميع المستفيدين من المرسوم من جهة، وتفاديًا منه لإقحام نفسه في صدام مع العاملين في القطاع العام؛ في ظلّ استمرار تعطيل ​المؤسسات الدستورية​".

وأشار إلى أنّ "هناك ضرورة لتفعيل العمل الحكومي، ما دام أنّ البديل الحكومي ليس في متناول اليد، وبالتالي من الأفضل للحكومة الميقاتيّة أن تتولّى مهمّة تصريف الأعمال من دون أن يستقيل رئيسها، لقطع الطريق على أخذ البلد إلى الفراغ، الّذي يمكن أن يهدّد إنجاز الاستحقاق الانتخابي النيابي في موعده بفتح سجال ليس في محلّه الآن، يتعلّق باعتراض فريق على إنجازه بإشراف حكومة مستقيلة".

وفسّر أنّ "بكلام آخر، ليس في مقدور أيّ فريق داعم للحكومة القيام بدعسة سياسيّة ناقصة باتجاه مطالبته باستقالة الحكومة، لأنّه لا يملك الثّلث الضامن الّذي يتيح له الخروج منها لتصبح حُكمًا مستقيلة، وبالتالي لن يُقحم نفسه في مغامرة غير محسوبة تضعه في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي، إضافةً إلى عدم قدرته على تحمّل التكلفة السياسيّة والاقتصاديّة المترتّبة على استقالتها، الّتي ستؤدّي إلى تدحرج البلد نحو المجهول وصولًا إلى الانهيار الشامل".

إلى ذلك، دعا المصدر مَن لا يريد استقالة الحكومة ويتمسّك بها، إلى "تقديم التسهيلات لإعادة تعويمها باستئناف جلسات مجلس الوزراء، الّتي ما زالت تصطدم بشروط "الثنائي الشيعي"، وإن كان "حزب الله" أخذ على عاتقه بأن يكون رأس حربة بتعطيلها ما لم يؤخذ بشروطه، خصوصًا أنّ الجلسات كانت عُلّقت قبل تدهور العلاقات اللّبنانيّة - الخليجيّة".