أكد نائب رئيس ​المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى​، الشيخ علي الخطيب، أن "مسألة استقلالية القضاء كانت من أكثر الأمور إلحاحاً لضمان سلامة عمل هذه السلطة والقيام بدورها في استقامة الاجتماع الإنساني والحفاظ على النظام العام للمجتمع، حيث من دونه ستعمّ شريعة الغاب وتنتشر الفوضى ويأكل القوي الضعيف، كما هو حاصل فعلاً في أكثر بلدان هذا العالم، الذي تتعرّض شعوبه للمظالم وتستقوي عليها أنظمتها بالقمع وتعطيل عمل السلطة القضائية أو استخدامها أداة للقمع، ويُشرعَ الظلم باستخدام القضاء لاستصدار أحكام قضائية لا تمت للعدالة بصلة بتهم باطلة يُجبر على الاعتراف بها المحكوم عليهم باستخدام أبشع أنواع التعذيب، بل يعمل على التفنّن بإيجاد وسائل للتعذيب وأخذ الاعترافات من المعتقلين بشكل لا يتصور ولا يُراعى بذلك أي حق من ​حقوق الانسان​ أو كرامته أو حرمته".

وخلال خطبة الجمعة، لفت إلى أنه "لم تكن مع ذلك المنظمات الدولية التي أدعي انشاؤها بهدف الدفاع عن حقوق الانسان إلا أداة للضغط والابتزاز السياسي على هذه الدول، من أجل الحصول على المزيد من المكاسب لصالح الدول الكبرى التي لم تكن يوماً صادقة في العمل على تحقيق مصالح الشعوب المظلومة أبداً، ولقد ابتلي القضاء ال​لبنان​ي للأسف بهذه الآفة ووقع تحت تأثير القوى السياسية الداخلية والدول الأجنبية ذات النفوذ، واستُخدم من أجل تحقيق مصالح الكبار والانتقام ممن يقف عقبة أمام هذه المصالح وهذه القوى الدولية واستغلال ما يحدث في الداخل من اجل الانتقام السياسي للحصول على مكاسب سياسية لم يحصل عليها بقوة السلاح، وخوض الحروب العسكرية والاقتصادية والسياسية والإعلامية".

ورأى أن "ما يحدث للأسف اليوم في لبنان من استخدام للقضاء في قضية المرفأ، ليس من اجل تحقيق العدالة أو من أجل إنصاف أهالي الشهداء والجرحى، وإنّما كان القضاء الى جانب الحملة الإعلامية التي تسخّر لها قنوات تلفزيونية وإعلامية أدوات لتضليل الحقيقة وتوجيه الاتهام الى المقاومة، شارك فيها سياسيون وإعلاميون ورجال دين، واستُخدمت فيها ورقة الطائفية لتأليب الرأي العام اللبناني والدولي على قوى المقاومة لتحقيق ما عجزت عنه آلة الحرب الإسرائيلية والقوى التكفيرية، وخرجت منها قوى المقاومة منتصرة وأقوى مما كانت، وفشلت كل أساليب الخداع والمكر في حشر قوى المقاومة، وانكشفت أهداف هذه الحملة الخبيثة وبان الصبح لكل ذي عينين، لذلك أقول يكفي لبنان واللبنانيين هذا الاستخفاف بعقولهم وبحياتهم وباستقرارهم كل هذه السنوات حيث دمرت مقدرات هذا الشعب لوضعه في مواجهة مع المقاومة التي تشكّل ملاذه الوحيد في مواجهة أطماع العدو الصهيوني ومَن خلفه في أرضنا ومياهنا ونفطنا وغازنا".

كما أوضح "إن هذا الشعب الأبيّ استطاع أن يحقّق الانتصار على الغزاة وينتصر في معارك الشرف والتضحية ويهزم العدو ويجبره على الانسحاب من أرضنا ويحرّر تراب الوطن من رجسه، فإنّه سيتغلب على هذه المحاولات الفاشلة سواء باستخدام القضاء الفاسد في هذه المعركة الخاسرة أو الحصار الجائر ويفرض إرادته ويحافظ على حريته وكرامته، ولن يستطيع أحد أن يلوي ذراعه أو يكسر إرادته بإذن الله تعالى. وعلى اللاعبين السياسيين في الداخل أن يختصروا الطريق وأن يخففوا العبء على أنفسهم وعلى الناس وعلى البلد بالخروج من هذه اللعبة الخبيثة وإخراج القضاء من أن يكون أداة للصراع السياسي".

وشدد على أن "هزيمة المقاومة حلم كحلم إبليس بالجنة. وبدلاً من هذا العبث فإن الجهد يجب أن ينصبّ على حل المشكلات الداخلية والأزمات الاقتصادية والنقدية والاجتماعية لتعود الحكومة الى الانعقاد وتقوم بدورها الانقاذي بالقدر الممكن وتنفّذ ما وعدت به من حلول تخفف الوطأة عن الناس بإصدار ​البطاقة التمويلية​ وعدم التأجيل من أجل استغلالها في ابتزاز المواطنين لغايات انتخابية وتنفيذ ما وعدت به من زيادة أجور النقل والتقديمات الاجتماعية وإلا فإن النار ستأكل الجميع ولن تستثني اللاعبين بها".

وأضاف: "نحن اذ نستنكر الصاق تهمة الإرهاب زورا بالمقاومة في افتراء واضح بغية إيجاد شرخ بين المقاومة وشعبها خدمة للعدو الصهيوني، فإننا نطالب الدول والمنظمات الدولية بالتحرر من الهيمنة والضغوط الصهيو أميركية والتراجع عن قراراتها الجائرة خدمة لمصالح شعوبها".

ولفت إلى إن "تصاعد الحرب العدوانية ضد لبنان بعناوين اقتصادية ومعيشية واخرى تحريضية واعلامية، تستدعي أن يتمسك اللبنانيون بوحدتهم الوطنية ويتضامنوا في ما بينهم بوجه المؤامرات والتحديات لتجاوز الازمات المفتعلة في معظمها، لتحميل المقاومة مسؤولية التدهور الاقتصادي فيما قدمت أعظم ألتضحيات لحفظ الوطن وتحرير الأرض وتحقيق العزة والكرامة الوطنية، من هنا نرفع الصوت عاليا لمناشدة العقلاء والحكماء والعلماء وكل مسؤول يتمتع بالحس الوطني ليتعاونوا على انقاذ لبنان والتصدي بقوة لمؤامرة تخريب لبنان وادخاله في اتون الفوضى والفتن المتنقلة التي تخطط لها الغرف الصهيونية السوداء، انتقاما لاخفاقات العدو الصهيوني و هزائمه التي حققها لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته على مدى عقود من الزمن".