تساءل متروبوليت ​بيروت​ وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران ​الياس عودة​، "هل تدري الطبقة السياسيّة الّتي حكمت ​لبنان​ عقودًا، أنّ تعلّقها بمصالحها وغناها، عوض التشبّث بسيادة لبنان والمحافظة على مصالحه والإهتمام بالشّعب وحاجاته وصون حقوقه، قد أوصل البلد إلى هذا الدرك؟ هل يدرون أنّ ​الفساد​ الّذي جعلوه ثقافةً أدّى بالبلد إلى الإنهيار؟ وهل يتساءلون عمّا جنوه وقد أوصلوا بلدهم إلى الجحيم وشعبه إلى البؤس واليأس، بعد أن شلّوا المؤسّسات وعطّلوا عملها وجعلوها مطيّة للوصول إلى مكتسبات يدّعون أنّها لهم، وكأنّ البلد والشعب ملكًا لهم ورثوه؟".

ولفت، في عظته خلال ترؤّسه قدّاس الأحد في المطرانية، إلى أنّ "من وجوه التعلّق بالعالم، حبّ المال والتعلّق بالسّلطة، حتّى لو أدّى هذا التعلّق إلى الظّلم والسّرقة والفساد. هذا ما يحدث في بلدنا الحبيب، الّذي يعتبر كلّ مسؤول فيه أنّه حفظ الناموس منذ حداثته، والآن هو في السّلطة لكي يدافع عن حقوق ناموسه الخاص".

وركّز المطران عودة على أنّهم "يستغلّون العاطفة الدينيّة لجلب الأتباع، وجذبهم إلى أفكار معوجة، لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة. يعِدون الشّعب ولا يفون بالوعود. يسخّرون طاقات البلد من أجل مصالحهم، ويستغلّون الشّعب من أجل تحقيق طموحاتهم"، مشدّدًا على أنّ "الشعب أصبح أسير جشع المسؤولين وتعلّقهم بالسّلطة وبمغريات هذا العالم الفاسد، الّذين تناسوا ما قاله الرب للغني: (يا غبي، في هذه اللّيلة تطلب نفسك منك، فهذه التي أعددتها لمن تكون؟) (لو 12: 20). يريدون أن يزيدوا على غناهم غنى، حتّى ولو أدّى ذلك إلى زيادة فقر الشعب فقرًا".

وأشار إلى أنّهم "يكافحون من أجل ما لهم لا من أجل لبنان، يظلمون ويهجّرون ويتهرّبون من العدالة، ويعرقلون عمل ​القضاء​ ويهملون معالجة الخلل، ولا تخطيط لديهم ولا رؤية من أجل بناء دولة عصريّة. لذلك، على أبناء الشعب أن يعوا واجبهم التغييري وأن لا يتهاونوا يوم الإستحقاق الإنتخابي، وأن يعملوا العقل والمنطق قبل المصلحة".

وأكّد أنّ "المهم في الإستحقاق المقبل، ألّا يتعلّق الشعب بالأرضيّات ويتبع الزعماء وينسى الأهم، وهو خلاص البلد من الطغمات الفاسدة الّتي فجّرت ونهبت وهجّرت. المهم ألّا يقبل الشعب ببيع صوته مقابل لقمة تسدّ جوع لحظة، بينما يمكنه، أمام صندوقة الإقتراع، أن يتّخذ موقفًا حكيمًا يحصد نتائجه تغييرًا وازدهارًا وأملًا بمستقبله ومستقبل أولاده". وأوضح أنّ "التجويع ​سياسة​ المسؤول الفاسد الذي يهدف إلى كسر كرامة الشعب لتطويعه، فلا تقعوا في فخ التدجين الذي يجرونكم إليه. الله خلقكم أحرارا، فلا تسمحوا لمخلوق أن يستعبدكم".