لفت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، إلى أنّ "في لبنان، أشخاص ممتازون ولكن لا يسمحون لهم بالبقاء أو "خانقينهم". يتمّ إفراغ البلاد من "الأبطال" الّذين يقوم عليهم البلد، وهذا مقصود"، مبيّنًا أنّه "يبدو أنّ هناك أجندات لتركيع الشعب اللبناني ليقبل بأيّ شيء، ونحن أمام عمليّة تجويع للسيطرة على هذا الشعب، الّذي لم يقبل يومًا بذلك، لكنّه يهاجر ونخسر أهمّ قوانا".

وأشار، في حديث تلفزيوني،إلى أنّ "الكنيسة تقوم بعمل كبير على المستوى الاجتماعي، بمؤسّساتها من جهة وبأعمال المحبّة من جهة أخرى، ونحن نحافظ على مؤسّساتنا للحفاظ على فرص العمل فيها، والناس مستمرّة في الاستثمار في أملاك الكنيسة، وأوقاف الكنيسة مفتوحة لذلك"، متسائلًا: "لماذا لم يمت أشخاص جوعًا؟ لأنّ الكنيسة بقواها والإرادات الخيّرة تساعد، أقلّه كي لا يموت النّاس من الجوع".

وأكّد البطريرك الراعي "أنّني ضدّ استقالة الحكومة، ورئيسها نجيبميقاتي لم يخذلني وقدّرت قبوله بترؤّس حكومة في هذه الظروف، ولكنللأسف المعطّلون أوقفوا عجلة الحكومة بطرق غير قانونيّة بأيّ شكل من الأشكال، و"المرجلة" ليست بتعطيل الحكومة بل بتفعيل عملها، لأاّن في ذلك تعطيل لحياة وطن وشعب"، مشدّدًا على أنّ "من يعطّل الحكومة اليوم، يرتكب جريمةً بحقّ البلد والمواطنين، ونلتمس من الله أن يمسّ ضمائر المسؤولين، فقد أصبحنا مهزلةً لكلّ دول الأرض". وسأل: "أليس تجويع الناس وقتلهم جريمة؟ من يعطّل الحكومة يرتكب جريمة كبرى، وما يحصل ليس بعمل سياسي".

وذكر "أنّني لا أستقبل المتسبّبين بتعطيل الحكومة، و"حزب الله" لم يطلب موعدًا لزيارة بكركي، وأنا لم أطلب رؤية أحد من المسؤولين فيه. أنا "ما بطلب حدا لشوفه"، ولست مرجعيّة سياسيّة، ولا نتعاطى ال​سياسة​ بتقنيّاتهم، مثلًا لا نتعاطى بقضيّة التعيينات، بل نتكلّم بالمبادئ السياسيّة والثّوابت الوطنيّة".وعمّا إذا ثبت أنّ حاكم مصرف لبنان لم يسلّم المستندات المطلوبة لشركة "ألفاريز أند مارسال"، لفت إلى "أنّني لا أتحدّث في شؤون أجهلها، ولكن هنا يصبح دور الدولة اللبنانية بسلطتها أن تأخذ الإجراءات الّتي تراها مناسبة".

وأوضح أنّ "هناك الكثير من القضايا العالقة بين لبنان وإيران، لكنّ بلدنا كان دائمًا منفتحًا على كلّ الدول ومن ضمنها إيران"، مؤكّدًا أنّ "التحقيق في انفجار مرفأ بيروت موضوع يختصّ بالقضاء، ويجب احترام مبدأ فصل السلطات، والصلاحيّة شيء يقرّره القضاء لا الحكومة ولا مجلس النواب". وجزم أنّ "الاستقواء داخليًّا وخارجيًّا من خلال النّفوذ والسّلاح لا يبني وطنًا، ولبنان يسير إلى الخلف لأنّنا تركنا الدستور والقوانين جانبًا، وبات كلّ يريد أن يفرض قوانينه".

كما كشف الراعي "أنّني حين قمت بجولة على رؤساء الجمهوريّة والنوّاب والحكومة، خرجت دراسة لبروفيسور حسان رفعت وأنا شخصيًّا أتبنّاها، وأشرت إليها أمام الرؤساء، ولم أتبنّ الموقف المتعلّق بمحاكمة الرؤساء والوزراء ولكنّني أشرت إليه أمامهم. كانت هناك قضايا اعبترت أنّه يجب أن ألتقيهم شخصيًّا للبحث بها، وقد تكّلمنا وتبادلنا الهموم الموجودة، ولم تكن هناك شروط". وشدّد على أنّ "البلد لا يمكن أن يبقى كما هو عليه، ويجب أن تعود الحكومة إلى الاجتماع"، متسائلًا: "لماذا ننتحر؟ من أجل من؟ من المستفيد؟".

وأعلن "أنّني من طلبت لقاء وزير الإعلام جورج قرداحي، ومن باب الصداقة سمحت لنفسي التحدّث معه، ونصحته أن يستقيل و"يعمل بطل"، لكنّه لم يأخذ برأيي، وفي الحقيقة تعجّبت وتأثّرت وحزنت لأنّ باستطاعة "حزب الله" أن يمون عليه أكثر مّما أمكنني المون عليه"، مبيّنًا "أنّني تواصلت مع السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، لكنّه كان قد أصبح في السعودية، وسألته بحضور قرداحي عمّا إذا كانت الاستقالة تعيد الأمور إلى ما كانت عليه سابقًا، أو تساعد في شيء ما، فقال لي بخاري إنّها تساعد كثيرًا في حلحلة الأمور".

وسأل: "هل لا تزال لدينا في لبنان الحريّات العامّة والخاصّة؟ هل لا يزال لدينا العيش المشترك والمساواة والاحترام المتبادل والديمقراطيّة، واحترام الدستور والقوانين والسلطو؟ الجواب هو لا، ومعنى ذلك أنّه يتمّ تغيير لبنان شيئًا فشيئًا. لبنان الّذي كان منفتحًا على كلّ الدول، باستثناء إسرائيل، أصبح في عزلة عن كلّ الدول". ورأى أنّ "الظّاهر أنّنا ذاهبون إلى تغيير جذري في صيغة لبنان، تختلف كليًّا عن صيغته ونظامه وهويّته ودوره ورسالته، ولا أعرف لصالح مَن، لكن يجب أن ننتبه ونحافظ على هذا اللّبنان الرسالة والجوهرة، ولا يمكن أن نضحّي به من أجل أحد".

وركّز الراعي على أنّه "لا يحقّ لأيّ سياسي أو شخص التدخّل بعمل القضاء، والأخير لا يعمل سياسات ولا يعمل كما يعمل السياسيّون، وعلينا ان نحترم القضاء وأصوله ودرجاته، وأطلب من الجميع أن يمثل أمام القضاء، ولا سيّما بعدما تمّ ردّ اعتراضاتهم في القضاء فالأصول القضائيّة تتّبع".

وأشار إلى أنّ "الكنيسة لم تتدخّل بحوادث الطيونة، وأنا لا أعرف القاضي فادي عقيقي ولم أره يومًا، وفي موضوع انفجار مرفأ بيروت لا أعرف القاضي فادي صوان ولا القاضي طارق البيطار، وأتقصّد ذلك"، جازمًا أنّ "الكنيسة لم تتدخّل إطلاقًا بموضوع موقوفي أحداث الطيونة". وأوضح أنّه "يحقّ لأيّ موقوف أن يكون لديه محاميه، وهذا ما نطالب به باستمرار، لأنّه يحقّ لكلّ شخص أن يدافع عن نفسه، وهذا أمر مقدّس".

وذكر أنّ "بعد جولتي على الرؤساء الثلاث، تمّ اتهامي بأنّني قايضت على دم الشهداء والضحايا، ولكن أنا لست بمقايض وأنا مع التحقيقات حتّى النهاية، وخلف المحقّق العدلي. وأمام هول كارثة مرفأ بيروت، لو كنت مكان المسؤولين في لبنان، لكنت لأرفع الحصانة عن نفسي... فهل الحصانة أغلى من الضحايا والجرحى؟".

إلى ذلك، وجد الراعي انّ "الشراكة اليوم "مهزوزة" وضمانتها الحياد. وانا تحدثت للمرة الاولى عن الحياد في العام 2012 وكان الوحيد الذي تفاعل مع الامر بان كي مون ومؤخّرا باتت ردّة الفعل كبيرة لدى الرأي العام مع الحياد"، مبيّنًا أنّ "التيار الوطني الحر لم يكن ضدّ الحياد بل تحدّث بالتوازن، وكذلك رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية لم يقل انه ضدّ الحياد، حتّى ان حزب الله لم يخرج عنه اي موقف حاسم في الموضوع او موقف رافض للحياد". وكشف أنّ "عناصر من "حزب الله" و"حركة أمل" حضروا الى بكركي وايّدوا الحياد على صعيد شخصي".

وأكّد أنّ "مشكلة اتفاق الطائف انه لم يطبق لا بروحه ولا بنصوصه، وبنتيجة ذلك لا سلطة تحسم، وهناك ثغرات في الدستور نتجت عن عدم تطبيق الطائف يجب سدّها"، معلنًا أنّ "النائب فريد هيكل الخازن طرح عليّ موضوع جمع القادة المسيحيين، ووافقته في ان نصل الى اتصال شخصي افرادي على الاقل، إذ ان من الصعب في ظلّ هذه الظروف اجتماعهم، وانا حاولت في السابق جمعهم وكان الجواب ان الجوّ متشنّج".

ودعا إلى "مؤتمر دولي خاص لمساعدة اللبنانين على طرح مشاكلهم والخروج منها، فلبنان مريض ويحتاج الى تشخيص ومعالجة".