عقدت ​الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية​ بدعم من هيئة ​الأمم المتحدة​ للمرأة "UN Women"، طاولة مستديرة عن تطبيق قانون "تجريم ​التحرش الجنسي​ وتأهيل ضحاياه"، شارك فيها رئيسة الهيئة ​كلودين عون​، المدير العام لوزارة العدل القاضي محمد محمود المصري، ومجموعة من القضاة والقاضيات والمحامين والمحاميات المنتسبين الى نقابتي بيروت وطرابلس للتباحث في السبل العملية لتطبيق هذا القانون أمام ​القضاء​.

واستهل اللقاء بكلمة لرئيسة الهيئة، أوضحت فيها، أنه "أولى الأسباب الموجبة التي أوردها قانون تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه، هو واجب العمل بما جاء في الإعلان العالمي ل​حقوق الإنسان​ الذي يلتزم به دستورنا اللبناني. فقد نص إعلان حقوق الإنسان على حق كل فرد في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه، ونص أيضا على عدم جواز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة ولا لحملات تمس شرفه وسمعته. وعرف القانون التحرش الجنسي بأنه "أي سلوك سيئ متكرر خارج عن المألوف، غير مرغوب فيه من الضحية، ذي مدلول جنسي، يشكل انتهاكا للجسد أو للخصوصية أو للمشاعر، يقع على الضحية في أي مكان وجدت".

وأكدت عون، أنه "تجاه هذا الوضوح في التحديد واعتراف المشترع، في متن عرض الأسباب الموجبة للقانون أن التحرش الجنسي هو شكل من أشكال ​العنف​، وأن كل عنف ينال من شرف الإنسان وكرامته، ومع العلم بأن هذا النوع من التصرف ينتشر في كل البيئات، وأن في الغالبية العظمى من الحالات تكون ضحاياه من النساء، لنا أن نتساءل عن سبب تأخر صدور مثل هذا التشريع إلى يومنا هذا".

واشارت الى انه "في العالم أجمع، وعلى الرغم من إعتراف المجتمعات في معظم الدول بحقوق المرأة في مجمل الميادين، لم تبدأ إعادة الإهتمام لظاهرة التحرش الجنسي الذي تتعرض له النساء سوى في سبعينات القرن الماضي عندما بدأت الحركات النسائية بتحليل هذا الموضوع وبتناوله بجدية. الواقع أنه قبل ذاك ولليوم بالذات، اعتدنا على أن يقارب عامة موضوع التحرش الجنسي باستخفاف وعلى أن تدور حوله النكات وأحاديث السخرية. فهذه ظاهرة عالمية آلفناها منذ زمن بعيد ولم تكن تثير الاستهجان سوى من جانب ضحاياها النساء اللواتي تعرضن لأشكال من التصرفات التحرشية، اضطرتهن في كثير من الأحيان إلى إجراء التغييرات في حياتهن أو في مسارهن المهني أو أجبرتهن على العزوف عن خوض معترك العمل أو النشاط الإقتصادي أو النقابي أو الحزبي أو السياسي. من هنا تعتبر مسألة مكافحة التحرش الجنسي، كما مكافحة ظاهرة العنف المبني على النوع الإجتماعي مسألة ثقافية بإمتياز، لكل منا دور يقوم به لإنجاحها".

وأوضحت عون "واليوم نعول كثيرا في الهيئة الوطنية على أن يكون إصدار القانون المجرم لهذه الظاهرة، رافعة لإحداث تغيير ثفافي في مجتمعنا تجاه التحرش الجنسي، ونجهد في الوقت نفسه بالتعاون مع شركائنا، وفي إطار تنفيذ الخطة الوطنية لتطبيق القرار 1325 حول المرأة والسلام والأمن، على نشر المعرفة بالقانون الجديد والعمل على تطبيقه في المؤسسات الرسمية والخاصة. في هذا الإطار تعمل الهيئة حاليا بالشراكة مع مؤسسة GIZ الألمانية للتنمية ضمن برنامج "مناهضة العنف ضد النساء والفتيات"، على رصد المواقف والتجارب في موضوع التحرش الجنسي، وتطوير سياسيات لمكافحة هذه الظاهرة في إطار البلديات وإطلاق حملات توعوية للتعريف بالقانون. وتسعى الهيئة أيضا بالتعاون مع وزارة العمل و​صندوق الأمم المتحدة للسكان​ والإسكوا، على تطوير مجموعة من الإجراءات التشغيلية الموحدة بهدف وضع القانون موضع التنفيذ داخل المؤسسات الإقتصادية".

ولفتت الى ان "اجتماعنا اليوم يرمي إلى التباحث في متطلبات تطبيق القانون في حالات التحرش الجنسي بغية تحسين نشر المعرفة بالشروط المطلوبة للجوء إليه. هدفنا هو أن تكون المعرفة بوجود هذا القانون وتطبيقه في المحاكم وملاحقة المرتكبين وتنفيذ العقوبات، رادعة لممارسة التحرش الجنسي. أشكر هيئة الأمم المتحدة للمرأة على دعم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في تنظيم هذا اللقاء".