دعا رئيس تحرير مجلة "الأمن العام" العميد منير عقيقي المواطنين إلى "التريث في التهافت على طلبات جوازات السفر لأنّها متوافرة ولا لزوم لهذه الزحمة"، معتبراً أنّ "من لا يريد السفر، عليه فتح المجال أمام من هو في عجلة من أمره ليحصل على جواز سفره من دون تكبّد مشقة الانتظار".

ولخّص عقيقي في حديث تلفزيوني الأسباب وراء هذا التهافت على الشكل الآتي:

1 - منذ خمس سنوات، أطلقت المديرية العامة للأمن العام مشروع جواز السفر البيومتري، وشاءت الصدفة أن تكون مدة صلاحية تلك الجوازات بمعظمها، أي 5 سنوات، قد بدأت بالانتهاء اعتباراً من آب 2021، أي في عزّ فترة الأزمة الاقتصادية وانتشار الإشاعات إزاء فقدان أوراق إخراجات القيد وإمكان ارتفاع رسوم إنجاز جوازات السفر وسواها.

2 - سرت شائعات كثيرة حيال رفع رسوم إنجاز جوازات السفر مع العلم أنّ هذا الأمر يتطلب قانوناً جديداً، ومفعول تلك الاشاعات امتدّ أيضاً إلى اللبنانيين في بلاد الاغتراب.

3 - تتسبب المناسبات الدينية في لبنان عادة بكثافة الطلب على إنجاز جوازات السفر للسفر الى الخارج. وصودف توقيتها هذا العام خلال شهر آب، أي خلال فترة الزحمة".

وأشار عقيقي إلى أنّه "خلال السنوات السابقة لجائحة كورونا، اعتدنا استقبال ما يتراوح بين 800 و1200 طلب جواز سفر في كل يوم عمل، غير أنّ بدء تزايد عدد الطلبات وصل إلى 5500 طلب من المراكز الاقليمية، وإنّ إمكانية إصدار الأمن العام للجوازات تترواح بين الـ3000 والـ3500 جواز في اليوم بوقت الذروة، وكنّا نستقبل أكثر من 5000 طلب في المرحلة الفائتة".

وكشف أنّ "65 في المئة من الجوازات التي أصدرت لم تستعمل و6000 جواز طبعت ولم يتم استلامها"، مضيفاً: "إنّ المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم أوعز باتخاذ الإجراءات الإدارية والعملانية من أجل تكثيف العمل والجهد حتى في أيام الآحاد والعطل الرسمية لتأمين طلبات اللبنانيين وإنجاز الطلبات المتراكمة. وأصدرت المديرية نحو 300 ألف جواز سفر خلال الأشهر الماضية، إضافة إلى حوالى 80 ألف مستند بيومتري من بطاقات إقامة وجواز سفر فلسطيني".

ودعا عقيقي المواطنين إلى "التريث في التهافت على طلبات جوازات السفر لأن الجوازات متوافرة ولا لزوم لهذه الزحمة"، مضيفاً: "من لا يريد السفر، عليه فتح المجال أمام من هو في عجلة من أمره ليحصل على جواز سفره من دون تكبد مشقة الانتظار".

وعن ملف الرقابة، أكّد عقيقي أنّ "المديرية العامة للأمن العام رفعت أخيراً تقريراً إلى السلطات المعنية اقترحت فيه تشكيل لجنة لدراسة التعديلات القانونية اللازمة لنقل الصلاحيات المنوطة بالأمن العام في ما يتعلق بالرقابة المسبقة وتحويلها إلى الجهة التي تراها مناسبة".

وأكّد أنّ "الأمن العام هو جهاز تنفيذي يقوم بتنفيذ القوانين"، رافضاً "الدعوات الآيلة إلى تهويد مؤسسات الدولة التي تصدر من بعض الاشخاص الذين لا يفقهون القانون ولا اخلاقيات المهنة"، داعياً "كل من لا تعجبه القوانين إلى أن يتوجه إلى مجلس النواب، حيث مركز التشريع، ويعرض اقتراحاته بدل بثّ الأضاليل".

وعن الملف الذي أعدته "الأمن العام" في عددها الذي سيصدر في 3 كانون الأول الحالي، تحت عنوان: "فوضى بثّ الكراهية والاضاليل والحقد على مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الامن الاجتماعي"، لفت عقيقي إلى أن "هذا الملف تحول إلى قضية وطنية وعالمية"، وقال إنّ "الهدف من إثارة هذا الموضوع هو منع تأثيره على الامن والاستقرار والسلامة العامة، الأمر الذي يستوجب استنهاضاً عاماً، لا سيما على المستوى البحثي العلمي الأكاديمي لوضع استراتيجيات حماية المجتمعات، مع تأكيد ضرورة ضمان الآليات التي تحفظ استدامة الديموقراطية المسؤولة، وحرية التعبير والحريات العامة التي كفلها الدستور والقوانين المرعية".

وأضاف: "إن المشكلة الأساسية التي تواجه العالم ولبنان أيضاً، هي في تحول هذه الأضاليل والأكاذيب سريعاً إلى صراع يتوسل لغة ومصطلحات محملة بمشاعر الكراهية والتخوين والتجريح، بهدف النيل من الرأي الآخر أو من سمعة الآخر".

وتابع: "ثبت أمام الاختصاصيين أنّ الطفرة الإلكترونية التي انطلقت في أواخر القرن الماضي كان يتوقع لها أن تساهم في في نشر السلام والخير، وليس الشر، ولكن للاسف انحرفت في اتجاهات تخدم العنف والكراهية والتعصب والاستثمار في الفوضى والارهاب والعنف والعنصرية، وإن هذا الأمر ليس محصوراً في لبنان فقط، إنما هو موجود في كل الدول".

ولفت الى انه "في لبنان حالياً 19 طائفة عندما تنقسم على نفسها تشكل مادة دسمة لهذا النوع من الخطاب الذي ترجم ضعفاً لدى الأفراد بغالبيتهم، ودفعها تالياً نحو التطرف والانحراف. وكان لهذه الفوضى، لا سيما المنظمة، في وسائل التواصل الاجتماعي بالغ الأثر في توجيه العامة إلى إماكن لا تخدم مصلحتهم ولا مصلحة البلد".

وشدّد على أنّ "مكافحة هذه الظاهرة لا تتمّ بالقمع، وأن مسؤولية وضع ضوابط لما ينشر على مواقع التواصل تقع بشكل أساسي على عاتق إدارة هذه المواقع والتطبيقات، والوصول إلى اعتماد مدونة سلوك من جهة، وتطوير الوعي المجتمعي من جهة أخرى، وهنا يكون دور الدولة العادلة والمجتمع المدني الناشط".