أكد رئيس اتحاد "​أورا​" الأب طوني خضره، خلال مؤتمر صحافي في مقر الاتحاد في ​انطلياس​، أطلق فيه مشروع "لبنانيون من أجل الكيان"، أن "هذه المشاريع لم تعد كافية، "لأنّ الكيان اللبناني برمّته بات مهددًا بالإنهيار" في ظلّ "التقهقر الذي نعيشه على جميع المستويات".

ولفت إلى "اننا ننظر بأسىً إلى وطن كان منارة المنطقة، مستشفى الشرق وجامعته، وهو يغرق في العتمة ويغوص نحو الزوال، ومسؤولوه يكتفون بالتفرّج عليه"، مشيرًا إلى أن "أمام هذا الواقع الخطير، ورغم نظرتنا المأسوية الى الوضع، لم ولن ننسى أننا أبناء الرجاء. وانطلاقا من مسؤوليتنا الوطنية ومن رسالتنا المسيحية الجامعة، تجاه إخوتنا في الوطن مسيحيين ومسلمين، قررنا كاتحاد أن نساهم في العمل من أجل حماية هذا الوطن بصيغته التعددية الديمقراطية، والتصدي للمشاريع الهادفة الى تغيير هذا الكيان وفرض نظام غريب على لبنان وأبنائه. وفي هذا الاطار، عمل الاتحاد بالتعاون مع خبراء في العلوم السياسيّة والدستوريّة والقانونيّة، على مدى 15 شهراَ من اللقاءات والإجتماعات المكثّفة على اعداد مشروع سياسي اجتماعي باسم "لبنانيون من أجل الكيان" يهدف الى الحفاظ على كيان لبنان، انطلاقا من ضرورة الالتزام بالدستور لاستعادة دولة المؤسسات".

وأوضح الأب خضره، أن" المشروع يتضمّن خمسة ملفات تطال واقع النظام اللبناني، وتضع خارطة طريق نحو بناء الدولة العادلة القادرة على إدارة المجتمع اللبناني التعددي إدارة ديمقراطيّة"، معتبرًا "أننا فخورون بأن نطرح مشروع "لبنانيون من أجل الكيان"، كمدخل أساسي إلى الحوار الوطني المطلوب، كونه يشكّل أرضيّة مشتركة بين غالبية المكونات اللبنانية، وهذا أمر لمسناه لمس اليد من خلال محادثاتنا المكثّفة حول هذه الطروحات مع عدد من المسؤولين السياسيين والروحيين. وهذا تحديداً ما يجعلنا نتمسّك بهذا المشروع الذي نرى فيه بارقة أمل حقيقي لخلاص لبنان، لأنه بالفعل، يشكّل نقطة انطلاق أساسيّة نحو حوار وطني فاعل وبنّاء".

ودعا الجميع إلى "الانخراط فيه، من خلال خطوات لاحقة وورش عمل سوف نعدّها في هذا الإطار، ذاكرًا أن "الحلّ لا يمكن أن يأتي من الخارج، مهما بلغت عاطفة هذا الخارج تجاه لبنان، لذلك فإنّنا جميعا مدعوون، لا بل محكومون بالتحاور وتبادل الأفكار، للوصول إلى قواسم مشتركة تنقذ لبنان من الزوال، وتبقيه ملتقى للحضارات، ونموذجاً للحوار والتلاقي والعيش معًا." وختم: "تعالوا نتلقّف الفرصة لأنها قد تكون الأخيرة".

بدوره كشف مقرّر لجنة اللامركزية، عضو الهيئة الإدارية للمشروع أنطوان صيّاح، أهمّ النقاط في الوثيقة التاريخية لـ"لبنانيون من أجل الكيان"، كما رأى أنّ "الأزمة الحاليّة تتجاوز الأزمات الماضية بحجمها وعمقها، وخصوصًا أنها ولّدت، لأول مرّة بتاريخ الجمهورية اللبنانيّة، تحركات شعبية، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، تريد تغيرًا شاملاً على كل الصعد. كما يشير هذا الواقع إلى أن الجمهورية في حال تشكل جديد".

وواصل "أننا أمام هذا الواقع، نرى أن القضية في النهاية لا تقتصر على ممارسة الحكم، بل هي تتجاوز النظام السياسي، إنها تمس بالكيان، لذا، إننا ومن منطلق إيماننا بأن لبنان لم يكن نتيجة خطأ تاريخيًّ بل أتت ولادته من إرادة لبنانية، تمكنت أن تدافع في مراحل مفصلية من التاريخ عن خياراتها وليس يخفى على أحد أن هذه الإرادة أوجدت الكيان الذي تجسّد في دولةِ لبنان الكبير 1920، وتكرّس في الدستور سنة 1926، وأنجز استقلاله التام مع ميثاق 1943 وأعاد التمسك به اتفاق الطائف سنة 1989".

وذكر أن "على هذه المرتكزات يعيش لبنان اليوم أن هذه المرتكزات هي الرافعة الأساسية التي يجب استلهامها للخروج من الأزمة، ونحن في هذه الوثيقة نبني عليها خياراتنا:

أولاً، لبنان دولة واحدة موحدة أرضًا وشعبًا ومؤسسات.

ثانيًا، لبنان جمهورية ديمقراطيّة مؤسسة على الحرية وعلى المشاركة وعلى احترام التعدّدية.

ثالثًا، لبنان دولة قائمة على العيش معًا عبر ميثاقات تاريخية اجتمعت في ميثاق 1943 وأكد الطائف عليها، وأهمها المشاركة في المناصفة بين جناحي لبنان والسيادة المطلقة للدولة تعبيرًا عن التمسك بالعيش معًا والالتزام بالدستور وبالقوانين اللبنانيّة".

وعرض صيّاح، الملفات الخمسة التي تؤلّف مشروع "لبنانيون من أجل الكيان"، مشيرًا إلى "أننا رأينا من واجبنا أن نعلن عن اقتناعاتنا وخياراتنا في هذه اللحظة المفصلية، وذلك بالتركيز على خمسة ملفات نعتبرها أساسية تساعد في الخروج من هذه الأزمة:

أولاً: في الاصلاحات الدستوريّة

لا يمكن أن تبقى الممارسة السياسية متروكة من دون تحديد صريح دستوريًا، وخصوصًا في موضوع المهل والإجراءات الملزمة. لم يعد مسموحًا بعد اليوم ترك ثغر في الدستور مبهمة أو غير منصوص عليها صراحة، يستفيد منها اللاعبون السياسيون أو الممسكون بزمام الأمور ليتحكموا بها تحت ستار حقوق الطوائف وما شاكل، في حين أنها في النهاية تستعمل كمجرد وسائل للكسب والنفوذ وتسخير مؤسسات الدولة لمصالح ذاتية أو فئوية. يتطلب هذا الأمر إدخال تفسيرات جديدة أو تحديدًا جديدًا لبعض الصلاحيات حتى تعمل الدولة بتناغم واضح. هذا المطلب يوافق طبيعة الدستور الذي وضع في الأصل لضبط عمل مؤسسات الدولة وحسن عملها وانتظامها كجهاز متماسك ومتناغم وهادف.

ثانيًا: في مجلس الشيوخ:

يترتب على النقاش أن يصل إلى صيغة دستورية قانونية في شأن مساحة سلطة الطوائف من جهة، وكيفية المشاركة فيها لتكون قوة بناء لا قوة هدم، وهذا لا يكون من دون مجلس شيوخ يقوم على صيغة تشاركية وتمثيلية، تعكس الأمة والدولة على السواء، كما هي حال الكثير من مجالس الشيوخ في العالم. على أن تعطى له صلاحيات واضحة نراها من وجهة نظرنا بحسب الملف الخاص الذي أعددناه لها.

ثالثًا: في الدولة المدنيّة:

آن الآوان لنقاش عميق في موضوع الدولة المدنية، لا من منطلق علماني صرف ولا من منطلق فيدرالية الطوائف، بل من منطلق حدود التعدّد الطائفي وغير الطائفي والمشاركة الوطنيّة وحيادية الدولة بين الطوائف والمجموعات الثقافيّة.

رابعًا: في اللامركزيّة الإداريّة الموسّعة:

لا يمكن أن تتحقّق المشاركة فعليًا وبشكل عادل، من دون الانتقال من البنية المركزية القوية للدولة إلى البنية اللامركزية الموسعة، وذلك بإدخال اللامركزية في صلب ​الدستور اللبناني​ والإعلان عنها في مقدّمة الدستور: "لبنان دولة واحدة موحدة لامركزية"، والقيام بالإصلاحات الدستورية التشريعية اللازمة لهذه الغاية. وقد وضعنا من جهتنا لهذا الملف مبادئ أساسية يمكن البناء عليها.

خامسًا: في موضوع الحياد

كل ما تقدم يعززه موضوع أساسي يعاني منه لبنان منذ وجد هو جدلية الخارج والداخل التي صارت المعبر الأساس والعقدة الفصل صوب الخروج من الأزمة. هذه الجدلية هي الحجة التي تستعملها القوى لتبرر الكثير من فشلها في إدارة الأزمات في مجتمع متعدّد، أو لتشريع الاستقواء. ويقيننا في هذا المجال أن الخارج يدخل أو يستدعى للدخول كل مرة كان لجماعة ما مشروعًا ذاتيًا في الدولة تسعى إلى تحقيقه. والتاريخ اللبناني يشهد على هذه المعادلة. إننا نرى أن لا حلّ لهذه الجدلية ولا إمكان للاستفادة من هذه العلاقة لصالح لبنان ودولته ولكل طوائفه وجماعاته من دون الحياد. فاستعادة ​سياسة​ الحياد التي نهجها لبنان منذ الاستقلال باتت مطلبًا لا بل واجبًا وطنيًا. لكن استعادتها تحتم أن يدخل الحياد من ضمن الدستور، بعدما ثبت أن حصره في مبادئ السياسية الخارجية وحدها رغم لعبه أدوارًا مهمة، لم يعد يكفي لصون المصلحة اللبنانيّة العليا والاستقرار الداخلي".

ولفت إلى "اننا بهذه الملفات الخمسة نعلن عن اقتناع راسخ أن لبنان يستطيع أن يحزم أمره داخليًا، فيستعيد ثقة العالم به، وأن بإمكان اللبنانييّن أن يديروا تعددهم إدارة حكيمة رائدها الالتزام بالمواثيق واحترام الدستور والقوانين، إننا نضع هذه الوثيقة في خدمة القضية اللبنانية التي لا يمكن لأي مواطن أن يعتبر نفسه غير معني بها. فالوطن لا يقوم على مصالح فئة حاكمة، أو مسيطرة، بل على إرادة جميع أبنائه وبالتزام جميع اللبنانيين الدستور والقوانين والاحتكام إليها في كل الظروف والأحوال".