مع دُخول العماد ​ميشال عون​ السّنة الأَخيرة مِن عهده الرّئاسيّ، بدا وكَأَنّه يُستنفَر سياسيًّا، ليستردّ صورة «الرّئيس القويّ»، أَو كأَنّ الرّئيس قد أَعاد تشغيل مُحرّكاته، في السّنة الأَخيرة مِن عهده!.

ويُبقي رئيس الجُمهوريّة المساعي قائمةً مع رئيس الحُكومة ​نجيب ميقاتي​، للاتّفاق على سُبل إِعادة الحياة إِلى الحُكومة، والانعقاد لجلساتها... مِن خلال "التّفاهُم مع الثُّنائيّ الشّيعيّ". وهُما –في المُناسبة– قد قرآ سلبًا التردُّدات الّتي أَخرها رفع سعر السّحب مِن 3900 ليرة إِلى 8000، وفي وَقتٍ يُشدّد عون على وجوب استحداث بطاقةٍ دوائيّةٍ على اعتبار أَنّها تضبط الأَسعار...

ولأَنّ كُلّ إِنجازٍ يبقى هباءً مَن دون مُحاربة الفساد، يَعتقد عون أَنّ "مسيرة مُكافحة الفساد لن تتوقّف، واللُبنانيُّون سيقولون كلمتهم ضدّ الفساد والفاسدين في الانتخابات النّيابيّة المُقبلة"...

ولكن يُشكّك الكثيرون في أَن تُحدث الانتخابات تغييرًا وازنًا في المشهد التّشريعيّ، وإذّاك تنطبق مُعادلة مِن "ينتظر البحر أَن يروب لَبَنًا"!. والأخطر في المسألة أَن تعود حليمة بعد الانتخابات... إِلى عادتها القديمة... وتصحّ إِذّاك مقولة "تيتي تيتي... متل ما رحتي جيتي"!.

كما ويرى البعض، في المُقابل، أنّ "الرّئيس عون يستثمر بالتّعطيل"!...

وفي مجال آخر، فقد أشارت معلوماتٌ صحافيّةٌ في بداية الأسبوع الجاري، إَلى أنّ عون "ينتظر المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة غير ​بيدرسون​، ليبحث معه في المساعي المبذولة لإِعادة النّازحين السّوريّين إِلى بلادهم"...

وإِلى الهُموم الدّاخليّة، ثمّة مواجهاتٌ خارجيّةٌ في المرصاد... في وقتٍ يتّخذ عَون قراراته، بمعزلٍ عمّا ينتهجه بعض الأَفرقاء الإِقليميّين والدّوليّين تجاه الرّئاسة اللُبنانيّة وكذلك حَيال الشّعب اللُبنانيّ بأَسره، وهو إِلى ذلك يتجاوز إِبعاد عون الرّئيس، عن التّفاوض مع صُندوق النّقد الدّوليّ في شأن لُبنان ومُشكلاته الّتي لا تُعدّ ولا تُحصى، لا لشيءٍ سوى لكَوْن مصلحة لُبنان العُليا تتطلّب ذلك... فيما يبدو أَنّ المُجتمع الدّوليّ لم يتلقّف بعد التّحذير الّذي أَطلقه مبعوث الرّئيس الرُّوسيّ الخاصّ إِلى الشّرق الأَوسط وأَفريقيا ميخائيل بوغدانوف، بعد لقائه الأسبوع الماضي القائم بالأَعمال السّعوديّ في موسكو، وقد تمنّى عليه إِبلاغ حُكومة بلاده بـ"رغبة ​روسيا​ في تخفيف الضُّغوط على لُبنان"، بحسب معلوماتٌ صحافيّةٌ رشحت عن اللقاء. وبحسب هذه المعلومات، فإِنّ المسؤول الرُّوسيّ قال للدّبلوماسي السّعوديّ: "كُلّما ضغطتُم على لُبنان استفادت إِيران مِن ضُغوطكم، فهل هذا ما تريدونه"؟. وأوضح بوغدانوف أَنّ على ​العرب​ التعلُّم مِن التّجربة السّوريّة، بعدما أَدّى ابتعادهم عن ​سوريا​ إِلى ترك الأَبواب مفتوحةً بصورةٍ أَكبر أَمام إِيران و​تركيا​. وقال: "لا تُكرّروا في ​لبنان​ أَخطاءَكُم في سوريا... إِن أَردتُم مُواجهة إِيران، فلا تفعلوا ذلك بالضّغط على لُبنان والانسحاب منه، بل بالتّنافُس على مُساعدته"...

ولكنّ الرّئيس عون، يميل إِلى رفض العُروض الرُّوسيّة والصّينيّة لإِعادة بناء لُبنان بالـ"BOT، مُراعاةً للأَميركيّين!.

وفي مسألةٍ ذات صلةٍ، ثمّة تساؤلٌ ينطلق مِن معلومةٍ صحافيّةٍ ومفادها: "لماذا تتهرّب بعبدا مِن الاتّصال بالأمين العام لـ"​حزب الله​" السيّد حسن نصر الله"؟!. بَيْد أَنّ السّؤال ينطلق مِن فرضيّة أَنْ لا اتّصال بَيْن بعبدا و"حزب الله"، فيما يُسقِط المُتسائلون فرضيّة أَن يكون التّواصل الرّئاسيّ مع مُختلف مكوّنات الشّعب اللُبنانيّ... وضمنًا مع "المُقاومة".

وبعد كلّ ما ورد آنفًا، لا شكّ أَنّ رئيس الجُمهوريّة أَشغل كُلّ ما لديْه مِن مُحرّكاتٍ... ولكن هل تجري الرّياح هذه المرّة كما تشتهي السُّفن؟...