في خطوة مخيبة للآمال الفلسطينية، قررت وكالة "​الأونروا​" تقليص مساعداتها المالية النقدية للنازحين الفلسطينيين من ​سوريا​ الى ​لبنان​ ابتداء من مطلع العام القادم 2022، حيث ستوقف دفع 100 دولار أميركي لكل عائلة كبدل ايواء شهري، وتقلص الفردية الى 25 بعدما كانت في السابق 27 دولاراً، على ان تقوم بدفع مبلغ تكميلي لكل عائلة قيمته 150 دولار وعلى دفعتين خلال العام نفسه، بذريعة عدم توفر التمويل من الجهات المانحة.

وأثار هذا القرار المفاجئ، استياء سياسيا وغضبا شعبيا، وُصف بانه "إعدام جماعي" في ظل استفحال الازمة اللبنانية المعيشية الخانقة والغلاء وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، حيث يعيش ​النازحون الفلسطينيون​ من سوريا معاناة انسانية لا توصف، بعدما تكررت رحلة نزوحهم مع الاحداث الامنية في سوريا في العام 2011.

وتؤكد مصارد فلسطينية لـ"النشرة"، ان اللافت في القرار انه اتخذ بعد فترة قليلة على زيارة المفوض العام وكالة "الاونروا" ​فيليب لازاريني​ (6 كانون الاول) الى لبنان حيث التقى عددا من المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين وتفقد المخيمات، قبل ان يدق ناقوس الخطر من ​العجز المالي​ المتراكم، ما اعتبره اللاجئون إشارات سيئة حول مستقبل الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية وصولا الى رواتب الموظفين، وجاء بخلاف موقفه السابق وتأكيده ان المساعدة النقدية التي تقدمها الوكالة ستبقى أولوية وتزامنا مع وعوده باطلاق "نداء طوارئ" خاص بلبنان بداية العام.

بالمقابل، رفضت القوى السياسية واللجان الشعبية ولجان النازحين الفلسطينيين من سوريا القرار، وقررت عدم السكوت عنه واعلنت انها ستتصدى له بكل قوة للضغط على الادارة للتراجع عنه وسط تلويح بتحركات إحتجاجية، وأكد أمين سر "​اللجان الشعبية الفلسطينية​" في لبنان المهندس عبد المنعم عوض لـ"النشرة"، ان "هذا القرار المفاجئ طرح اكثر من تساؤل وعلامة استفهام حول دور "الاونروا" في رعاية واغاثة اللاجئين والنازحين معا".

واضاف: "بدلا من زيادة التقديمات المالية والاغاثية في ظل الازمة المعيشية والانهيار الاقتصادي والغلاء وارتفاع الاسعار، تقدم على تقليص المساعدات في وقت أحوج ما يكون فيه الفلسطينيون، ما يرفع لدينا الشكوك بما يقوم به المفوض العام لازاريني والمدير العام في لبنان كلاوديو كورودني، وكأنهما مكلفين بتنفيذ مخطط ما، وهذا يدعونا الى الانتباه والتصدي له"، مؤكدا "ان اللجان الشعبية اتخذت قرارا بتنظيم اعتصامات يومية امام مكاتب "الاونروا" في المخيمات للضغط على الادارة للتراجع الفوري عنه"، كاشفا "اننا وجهنا رسالة الى المدير العام كوردوني نطالبه فيها بالغاء القرار وزيادة التقديمات تحت طائلة تصعيد الاحتجاجات اليومية وصولا الى اقفال المكاتب والمؤسسات".

ومنذ سنوات ويترنح النازحون الفلسطينيون من سوريا تحت وطأة المعاناة، وغالبيتهم يقطنون داخل المخيمات في محاولة للتوفير المادّي لجهة بدل ايجار المنازل، عدم دفع فواتير ​الكهرباء​ والمياه ورسوم البلدية، والاهم تأمين ​المواد الغذائية​ والحياتية بأسعار أرخص من المدن، غير ان الازمة اللبنانية عادت وطحنتهم في ظلّ الغلاء وارتفاع الاسعار بشكل جنوني، واليوم وقف المساعدة المالية يعني "الاعدام الجماعي".

ووصف مسؤول الإعلام في "لجنة مهجري فلسطينيي سوريا" احمد طعمة، القرار بانه "غير اخلاقي"، وبمثابة حكم إعدام جماعي لمجتمع المهجرين من سوريا في لبنان، داعيا "الأونروا" الى التراجع الفوري عن القرار والبحث عن إيجاد سبل لزيادة المساعدات الشهرية لهم وليس تقليصها والإعلان عن تقديم مساعدات شتوية والاسراع بصرف مساعدة شهر كانون الأول"، مؤكدا اننا "لن نتراجع عن مطلبنا وسنبدأ بالتصعيد الفوري حتى لو اضطررنا لأن ننصب الخيام على أبواب المكاتب وإغلاقها بشكل كامل، فنحن أصحاب حق ولسنا بمتسولين على أبواب "الأونروا". خاتما "نحن لا نريد ان نتبنى نظرية المؤامرة علينا، ولكنها مؤامرة كاملة الأوصاف وهدفها التجويع والتهجير ودفع الناس للغرق في البحار".

وخلال الاعوام المنصرمة، تقلصت اعداد النازحين الفلسطييين في لبنان بشكل كبير، بعدما وصلت في ذروة الازمة الى ما يقارب 60 الف نسمة، عادت وتراجعت الى نحو 27 الف لاسباب كثيرة، البعض قرّر العودة طوعا الى سوريا كخيار افضل من "البهدلة" والفاقة مهما كانت الصعوبات، والبعض الاخر الهجرة نحو الدول الاوروبية طلبا للجوء الانساني وسعيا وراء حياة كريمة بعيدا عن ذل السؤال، فيما بقي الاخرون في مخيمات لبنان دون خيارات يئنون من المعاناة تحت خط الفقر المدقع مع ازدياد متطلبات الحياة والغلاء وارتفاع الاسعار.

وطالبت منظمة "ثابت" لحق العودة، "الأونروا" بإعادة النظر في قرارها واستبدال هذه الإجراءات بالسعي والبحث عن مصادر تمويل تُغطي حاجات جميع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة من تدهور قيمة الليرة اللبنانية أمام سعر صرف الدولار، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الغذائية وغيرها وانعكاس ذلك على حياة اللاجئين الفلسطينيين.