منذ توقف ​مجلس الوزراء​ عن الإجتماع، تُطرح في الأوساط السياسية معلومات عن تسويات أو صفقات تعيده إلى الإجتماع من جديد، ربطاً بمجموعة واسعة من الإستحقاقات التي واجهت البلاد، لكن أياً منها لم يكتب لها النجاح بسبب الشروط والشروط المتبادلة من قبل الأفرقاء المعنيين.

ضمن هذا السياق، طُرحت، في الأسابيع الماضية، معلومات عن صفقة كان من الممكن أن تحصل بين قرار ​المجلس الدستوري​، بشأن الطعن المقدم من "​التيار الوطني الحر​"، وملف التحقيقات في إنفجار ​مرفأ بيروت​، قبل أن يتبيّن أن فرص نجاحها شبه معدومة، لا سيما مع إنضمام بنود أخرى إلى لائحة المطالب، تتعلق بمجموعة واسعة من التعيينات المطلوب من ​الحكومة​ إنجازها.

أول من أمس، كان من المفترض أن يكون هو الحدّ الفاصل، لناحية التأكيد على وجود التسوية من عدمها، لكن فجأة قرر الجميع "التعفف" عن الأمر، على قاعدة أن الأفرقاء السياسيين لا يمكن أن يذهبوا إلى مثل هذا الخيار، بالرغم من أن وسائل الإعلام المقرّبة منهم كانت تروّج له قبل ساعات قليلة، فـ"حزب الله" و"​حركة أمل​" أكدا أن ليس هناك من تسوية مطروحة، نظراً إلى أنّ ما يطالبان به هو تطبيق الدستور، الأمر الذي يتوافق معهما به رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​.

في المقابل، كان "التيار الوطني الحر" يؤكد، خلال ساعات النهار نفسه، أنه ليس في وارد الدخول في تسوية حول ملفّ التحقيقات في إنفجار المرفأ، نافياً علمه بكل ما يُحكى على هذا الصعيد، لتكون النتيجة أن وسائل الإعلام تتحمّل مسؤوليّة ما يُطرح من سيناريوهات في هذا المجال، الأمر الذي "أغضب" ميقاتي، لدى خروجه من عين التينة، بعد لقائه رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​.

وبالتالي، قرر المسؤولون عن هذه الصفقة، أو الأفرقاء الذين من المفترض أن يشاركوا بها، أن وسائل الإعلام هي من اخترعت الحديث عن هذا الصفقة، وهي أيضاً من ذهب إلى نسج الروايات حول لقاء عين التينة، نظراً إلى أن برّي وميقاتي أكدا على أفضل العلاقات فيما بينهما، وعلى التعاون المستمر والعلاقات التاريخية التي تجمعهما.

في المقابل، عاد الأفرقاء أنفسهم بعد سقوط أو إسقاطهم هذا التسوية، إلى تبادل الإتهامات المبطنة فيما بينهم حول الجهة التي تقف وراء "فبركة" هذه السيناريوهات، على قاعدة أن كلاً منهم لا يريدها لكن الجانب الآخر هو الذي كان يسعى إليها، ما دفع الجميع إلى إدّعاء تحقيق "إنتصارات" وهميّة أمام جمهورهم، من الممكن أن تصب في صالحهم في صناديق الإقتراع، كون الجميع بدأ يفكر في هذا الإستحقاق قبل أي أمر آخر.

ضمن "اللعبة" نفسها، وصلت المنافسة بين هؤلاء الأفرقاء إلى توجيه التحذيرات إلى بعض الشخصيات، التي كان من المفترض أن تكون معنية بالتسوية أو تكون على حسابها، بأن هناك من كان يساوم عليها لتحقيق أهدافه، بينما هي رفضت الدخول في هذا "البازار"، بسبب حرصها على القوانين والمصلحة العامة، بالإضافة إلى إحترام مبدأ الفصل بين السلطات.

في المحصلة، أفرقاء التسوية المزعومة كانوا يستخدمون وسائل الإعلام في الفترة الماضية، للمساومة وتبادل الرسائل فيما بينهم، إلا أنهم عندما وجدوا أن الوقت لم يحن لإبرامها لم يكن أمامهم إلا رمي المسؤولية على الإعلام، كي يخرجوا من هذه الدوّامة بصورة رافضي مبدأ التسويات، على أن يتبدّل ذلك عندما تتوافق الشروط والشروط المتبادلة بينهم.