في العاشر من كانون الثاني المقبل، من المفترض أن تنتهي عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة المُطوّلة وأن تفتح المدارس أبوابها لإستكمال العام الدراسي، هذا إذا لم يصبح عدد إصابات كورونا بالآلاف وإذا لم يذهب البلد مجدداً الى مرحلة من الإقفال العام ومن ضمنه المدارس.

إذا مرّ قطوع الأعياد هذه السنة من دون أن يتفشّى الوباء بسرعة بسبب عدم إلتزام المواطنين بإجراءات الوقاية خلال إحتفالات الميلاد ورأس السنة، ستفتح المدارس الخاصة أبوابها وسيعود طلابها الى صفوفهم، ولكن وللأسف، لن يعود طلاب المدارس الرسمية الى مقاعدهم ولن تفتح مدارسهم أبوابها بسبب الإضراب المعلن من قبل روابط الأساتذة في التعليم الثانوي والأساسي والمهني. "هذا الإضراب الذي يدمّر العام الدراسي في التعليم الرسمي" تقول مصادر تربوية متابعة، "يجب أن يعلّق في أسرع وقت ممكن وإلا لن تتمكن وزارة التربية والتعليم العالي في نهاية العام الدراسي من إجراء الإمتحانات الرسمية بسبب إنهاء البرامج في المدارس الخاصة وعدم الوصول الى النتيجة عينها في المدارس الرسمية".

وفي هذا السياق، وخوفاً من عدم فتح المدارس الرسمية أبوابها، وعلى رغم الوضع الإقتصادي الضاغط، تكشف المعلومات عن نزوح معاكس لعدد كبير من الطلاب، لا سيما في صفوف الشهادتين المتوسطة والثانوية، من المدارس الرسمية الى المدارس الخاصة، وهذا ما يضرب أكثر فأكثر ما تبقى من التعليم الرسمي.

صحيح أن الأسباب المعلنة للإضراب هي أسباب مطلبية يتمسك بها أساتذة التعليم الرسمي كي يتمكنوا من الصمود مادياً وإجتماعياً، وأبرزها حصولهم على المنحة الإجتماعية وبدل النقل الذي رُفعت قيمته بعد رفع الدعم عن المحروقات وصرف مبلغ الـ90 دولاراً الذي وعدوا به من قبل الوزارة، والذي بدأ تحويله الى شريحة واسعة منهم، ولكن هناك خلف هذه الأسباب كباش سياسي من العيار الثقيل بين بعبدا وعين التينة. فالأكثرية الساحقة من رؤساء روابط الأساتذة في التعليم الرسمي تابعة تنظيمياً لحركة أمل، وهي التي أعلنت الإضراب المفتوح في المدارس الرسمية، والضغط الذي تمارسه هو على رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ بهدف دفعه الى توقيع مراسيم هذه المنح والزيادات المالية بموافقات إستثنائية، بينما يصرّ رئيس الجمهورية على عدم التوقيع إنطلاقاً من قناعته بعدم دستوريتها في ظل وجود حكومة قائمة، يضغط بكل ما لديه لإعادة الحياة الى جلساتها المعلقة بفيتو من وزراء ثنائي حزب الله وحركة أمل إعتراضاً على آداء المحقق العدلي في جريمة إنفجار المرفأ القاضي طارق البيطار.

في المحصلة، يمكن القول وللأسف إن التعليم بات متاحاً فقط للميسورين والأغنياء ولمن هو قادر على دفع أقساط المدارس الخاصة، بينما ممنوع على الفقراء أن يتعلموا في المدارس الرسمية وهنا نتحدث عن أكثر من 300 ألف تلميذ مسجلين في التعليم الرسمي من أصل حوالي مليون تلميذ مسجلين بين الخاص والرسمي، والدليل القاطع على ما نقوله، هي المعلومات التي تؤكد أن المدارس الرسمية، وبسبب إضراب روابط الأساتذة، لم تتمكن من إنهاء برنامج الفصل الأول من العام الدراسي، بينما تتجه المدارس الخاصة الى البدء بالفصل الثاني بعد إنتهاء عطلة الأعياد.

من فتح مدرسة أقفل سجناً كما قال نابوليون بونابرت، فهل تريدون يا حضرات المسؤولين من إقفال المدارس، أن تحوّلوا لبنان الذي لطالما كان مدرسة الشرق، الى سجن كبير؟!.