منذ ما قبل "لا قرار" المجلس الدستوري، بشأن الطعن المقدم من قبل "​التيار الوطني الحر​" بالتعديلات التي أقرت على قانون الإنتخاب، كانت بعض القوى والشخصيات السياسية المنضوية في قوى الثامن من آذار، من خارج أركانه الأساسية، تُطرح الكثير من علامات الإستفهام حول القدرة على خوض الإنتخابات النيابية، في ظل حالة الإنقسام التي يمر بها هذا التحالف.

أساس علامات الإستفهام، يعود إلى أن تلك القوى والشخصيات تصنف على أساس أنها نقطة تلاقٍ بين أركان هذا الفريق، أيّ "التيار الوطني الحر" و"​حزب الله​" و"​حركة أمل​"، وبالتالي هي لا يمكن أن يكون لها أي مكان في ظلّ المعادلة الراهنة، لا سيما بعد كلام رئيس التيار النائب جبران باسيل عن تداعيات سياسية لما حصل في المجلس الدستوري.

في هذا السياق، تعود مصادر نيابية في هذا الفريق، عبر "النشرة"، إلى مرحلة الإنتخابات الماضية في العام 2018، حيث لم يكن التحالف شاملاً مختلف الدوائر، بل على العكس في معظمها كان هناك تنافساً فرضته مقتضيات المعركة في ظل القانون النافذ، بالإضافة إلى الخلافات التي كانت قائمة في ذلك الوقت.

إنطلاقاً مما سبق، تشير المصادر نفسها إلى أن هذا الواقع من الممكن أن يتكرر في المرحلة المقبلة في بعض الدوائر، لكنها في المقابل تلفت إلى أنه لا يمكن أن يحصل في دوائر أخرى، من المحتمل أن يخسر فيها هذا التحالف بعض المقاعد النيابية بسبب الخلافات بين أركانه، بينما لدى "حزب الله" نية في تجيير مقاعد نيابية مسيحية، يمكن الحصول عليها بسهولة، إلى "التيار الوطني الحر".

وتلفت هذه المصادر إلى أن هناك خلافاً جوهرياً بين "حزب الله" وباقي أركان هذا التحالف حول كيفية خوض المعركة الإنتخابية، الأمر الذي يترجم من خلال كيفية إدارة المعركة التي بدأت معالمها بالظهور، حيث ينظر الحزب إليها على أساس أنها "مصيرية" يتجاوز المؤثرون فيها الساحة المحلية عنوانها: الأكثرية النيابية، في حين يبحث الآخرون عن كيفية خوض كل منهم معركته الخاصة، بعيداً عن النتيجة النهائية التي التّي قد يحققها التحالف.

في هذا الإطار، تلفت أوساط سياسية من الفريق نفسه إلى أن أساس المواجهة القائمة في البلاد، منذ نحو عامين تقريباً، يقوم على كيفية إسقاط الأكثرية النيابية التي تحققت في الإنتخابات الماضية، الأمر الذي فرض الدعوات إلى إسقاط المجلس النيابي أو الذهاب إلى الإنتخابات المبكرة في الأشهر الماضية، وبالتالي الردّ عليها كان من المفترض أن ينطلق من هذه النقطة، أي أن المعركة إستراتيجية لا تحتمل الخلافات التكتيكية.

من وجهة نظر هذه المصادر، هذا الواقع يتأكد من خلال العنوان الذي يرفعه الفريق الآخر، أي تشكيل حكومة أكثرية بعد الإنتخابات، بالرغم من أن معالم التحالف المقابل لم تتضح بشكل نهائي حتى الآن، الأمر الذي دفع بعض أركان قوى الثامن من آذار، لا سيما "حزب الله"، إلى التلويح بورقة الديمقراطية التوافقية، التي تضمن حصوله، بشكل أو بآخر، على ورقة التعطيل في مجلس الوزراء.

وسط هذه المعطيات، يصبح من المنطقي، بحسب الأوساط نفسها، السؤال عن جدوى الفوز بالأكثرية النيابية من جديد، خصوصاً أن هذا الفريق أثبت فشله في ولاية المجلس الحالية، الأمر الذي يضعه أمام أزمة سياسية تتعلق بالعنوان العريض لمعركته، في حال تمت معالجة الخلافات بين أركانه، التي أسقطت الحكومة الوحيدة التي كانت محسوبة عليه بشكل كامل.

في المحصّلة، بات من المسلّم به أن قوى الأكثرية النّيابية لم تعد تبحث عن إعادة الفوز بها من جديد، حيث تتوزع الإهتمامات بين معركة "التيار الوطني الحر" في الساحة المسيحية، ومعركة ضمان "حزب الله" و"حركة أمل" الفوز بغالبية المقاعد الشيعية من جديد، وضمن هاتين المعركتين معارك داخل البيت الواحد هدفها تسجيل النقاط، أبرزها بين التيار والحركة، ليتأكّد من جديد أن التوافق الإستراتيجي وحده لا يكفي لبناء تحالف قوي.