لن يتمكن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من هضم قرار المجلس الدستوري قريباً، فهو كان متاكداً من قبول الطعن، وبالتالي كان قد رسم معالم المرحلة المقبلة على هذا الأساس، وما مؤتمره الصحافي الاخير الا الدليل على ذلك، إذ أعطى مهلة اسبوعين تقريباً قبل اتخاذ إجراءات سياسية، وما هذه المهلة سوى وقتاً إضافياً له لبحث سبل الردّ.

ولأن باسيل لا يستطيع التأخر بالردّ، تقدم نواب التكتل بعد يوم واحد على قرار الدستوري من رئيس مجلس النواب نبيه بري بطلب عقد جلسة مساءلة للحكومة، لمحاسبتها على حال التعطيل الذي تعيشه، كما قام رئيس الجمهورية مساء الثلاثاء بإعادة تحريك ورقة المجلس الاعلى للدفاع، والتي استخدمها مراراً عندما رفض حسّان دياب الدعوة لانعقاد حكومته بعد تقديم الاستقالة، وبذلك يكون عون قد اوصل رسالة واضحة الى رئيس الحكومة بأن الامتناع عن توجيه الدعوة لاجتماع الحكومة سيعني الاستعاضة عن مجلس الوزراء بالمجلس الاعلى للدفاع.

ولكن بالنسبة الى مصادر نيابية سنّية، فإن ميقاتي ليس حسّان دياب، ورئيس الحكومة الذي لا يرغب في المرحلة الراهنة سوى بالمحافظة على الثقة الدوليّة فيه، والتي كانت السبب الرئيسي خلف رفضه التسوية التي كادت تركب نهار الاثنين الماضي، لن يقبل تحت أي ظرف من الظروف بضرب صلاحيّات الرئاسة الثالثة، ولكنه بالمقابل لن يدخل في معارك سياسية علنية مع عون وتياره على اعتبار أنه يقوم بما عليه حكومياً بالتفاوض مع صندوق النقد، ولا يحتاج سوى لتمرير المرحلة حتى الانتخابات.

وتشير المصادر إلى أنّ عون ربّما ينسق مع ميقاتي خطواته السياسية للضغط على الثنائي الشيعي في الملف الحكومي، ولكن ما ليس معلوماً هو توجّه باسيل بعض الضربة القاسية التي تعرض لها سياسيا وانتخابياً.

في هذا السياق ترى مصادر نيابية في فريق 8 آذار أن باسيل وضع نفسه في المكان الذي هو فيه اليوم عندما رفض مقاربة ملفّ التحقيق بانفجار المرفأ من وجهة نظر وطنيّة قضائيّة دستوريّة محقة، فهو عندما ربط بين هذا الملفّ وبين موقعه بالشارع المسيحي جعل الآخرين وتحديداً حليفه حزب الله في موقف صعب، إذ وجد الثنائي الشيعي نفسه وحيداً في هذه المواجهة رغم قناعة الوطني الحر أنّ المحقق العدلي يعمل باستنسابيّة واضحة، وشعبويّة، وقناعة ميقاتي نفسه بأنّ "في السجن مظلومين"، مشيرة الى أنّ التعاطي الشعبي مع هذه المسألة دفع حزب الله لمحاولة إيجاد تسوية لم تسر كما ينبغي، إذ استمر باسيل برفضه التصويت مع تطبيق الدستور في المجلس النيابي، بمقابل رفض ميقاتي أن يُولد الحل من حكومته.

ليست الخيارات كثيرة امام باسيل، تقول المصادر، مشيرة الى أنّ الرجل يحتاج الى حزب الله بالإنتخابات المقبلة، ما يعني انه يحتاج الى حركة أمل لأن البلوك الشيعي لا ينفصل في الانتخابات، مشدّدة على انّ حزب الله بدوره لم ولن يفكر بفكّ الارتباط مع التيار، لذلك لم يصدر عن قيادييه أيّ رد على باسيل، بل دعوات للتروّي مع التأكيد على اهميّة العلاقة بينهما.

بالنسبة الى المصادر لم يتعلم باسيل من اخطائه السابقة، فهذه ليست المرة التي يخذل التيار فيها حزب الله في مواضيع هامّة للغاية، رغم ذلك فإن الطرفين بحاجة الى بعضهما البعض في الانتخابات، مع فارق وحيد هو ان حزب الله يفكر بالأكثرية النيابية، والتيار يفكر بالأكثريّة المسيحية.