خرج أبو عجينة، رئيس بلدية ​عرسال​ السابق ​علي الحجيري​ من السجن، وعمّت الاحتفالات "المستفزّة" شوارع البلدة، فأُطلق الرصاص ابتهاجاً بعودته وهو الذي كان السند الدائم للإرهابيين الذين غزوا عرسال ومحيطها منذ 8 سنوات.

في التاسع من نيسان الماضي صدر الحكم بحق أبو عجينة، إذ أصدرت ​المحكمة العسكرية​ الدائمة برئاسة العميد الركن منير شحادة، الذي أزيح عن منصبه الأسبوع الماضي، حكماً قضى بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة مدّة خمس سنوات، بحق رئيس بلدية عرسال السابق، وبتجريده من حقوقه المدنيّة، بعد إدانته بجرم "تحريض أشخاص مسلّحين على الانتقام من عناصر ​الجيش اللبناني​، الذين أقدموا على قتل الإرهابي خالد حميد في الأول من شباط 2013 في منطقة وادي الرعيان في خراج بلدة عرسال، ونجم عنها استشهاد الرائد في الجيش ​بيار بشعلاني​ والمعاون أول ابراهيم زهرمان وجرح عدد من العسكريين".

ولكي نعود بالذاكرة الى الخلف قليلاً، لتذكير اللبنانيين بما قام به الحجيري، فالمقصود بالأشخاص المسلّحين هنا هم عناصر من تنظيم "داعش" الإرهابي، من اللبنانيين والسوريين الذين لاحقوا دوريّة الجيش اللبناني الى جرود عرسال، بعد قيام عناصرها بقيادة الرائد بشعلاني بتوقيف الارهابي خالد الحميد. يومها قام الإرهابيون بتطويق الجيش الذي علقت آلياته بالثلوج، وأطلقوا النار عليهم.

بقي الحجيري أبو عجينة طليقاً حتى أيلول 2017، حيث قامت دورية من مخابرات الجيش اللبناني بتوقيفه، وبقي في السجن حتى أول من امس، رغم أنّ الحكم الصادر بحقه عمره 8 أشهر فقط. كان الحكم بحقه أشغال شاقة 5 سنوات، وبالطبع في لبنان لا يوجد أشغال شاقة، رغم أن نص المادة 45 من قانون العقوبات واضح بهذا الخصوص حيث ينص على أنه "يجبر المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة على القيام بأشغال مجهدة، تتناسب وجنسهم وعمرهم، سواء في داخل السجن أو في خارجه".

بالمبدأ وبحسب اوساط متابعة لا يوجد صفقات مخفيّة خلف إطلاق سراح الحجيري، على اعتبار أنّ من يبحث عن صفقات إنتخابيّة يطرق باب الموقوفين الاسلاميين في رومية، ولكن الإفراج عنه لن يحمل فائدة تُذكر، فالرجل لم يعد لديه أيّ قوة في عرسال، التي هي جزء من دائرة انتخابيّة كبيرة جداً.

أصدر قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل بو سمرا قرار إخلاء سبيل الحجيري مقابل كفالة ماليّة أودعتها وكيلته المحامية اماني صلح، مع العلم أنّه لم يعانِ في سجنه ربع ما عانته ولا تزال عوائل الشهداء، وهنا لا نقصد فقط بشعلاني وزهرمان، بل كل الشهداء اللبنانيين الذين سقطوا في التفجيرات الارهابيّة، أو في محاربة الإرهاب والعسكريين الذين خُطفوا واعدموا، فالحجيري الذي حُكم بناء على حادثة واحدة، كان الداعم الرئيسي للإرهاب، وهذا لوحده كفيلاً، لو وُجِدت العدالة، أن لا يرى النور مجدداً.

لم تنتهِ بعد قصة الارهابي المُخْلى سبيله، فالرجل الذي خرج من سجن صغير ودخل الى سجن أكبر، خاصة أنه مُلاحق بثأر والد الشهيد محمد حمية، معروف حميّة، الذي أعلنها صراحة أن ثأره مع أبو عجينة وأبو طاقية لم ولن ينتهي، فهل نشهد تطورات جديدة في هذه القضية، أم أنّ الحجيري سيهرب خارج لبنان كما يُشاع من بعض الأوساط المحيطة به؟.