تحدث الأب البروفيسور يوسف مونس، في حديث إذاعي، عن المقاومة اللبنانية، مشيراً إلى أن الأديرة الرهبانية تحدد حدود لبنان الكبير العظيم، لافتاً إلى أنه "من هنا إلتزامنا بلبنان كوطن وإلتزامنا بشعب لبنان وحريته، وطن التعدد والتنوع والعيش المشترك، حيث عشنا مع السنة والشيعة والدروز، وتبادلنا الجبل والجنوب والشمال والبقاع معاً".

وشدد مونس على أننا "منخرطون في هذا الوطن وهذه الأرض، وفي الوقت نفسه نرفعه قرباناً كما كان يرفعه مار شربل والقديس نعمة الله"، موضحاً أننا "لم نرفع السلاح بل رفعنا مسبحتنا، ومع مسبحتنا كان لدينا عقيدة أنه يجب أن ندافع عن لبنان، الذي هو ليس وطناً بديلاً للفسلطينيين والغرباء المجتمعين كي يرسلونا إلى الخارج".

وأكد مونس أن "لبنان لكل اللبنانيين مع بعضهم البعض وتعدده مهم في تنوعه"، موضحاً أن "هذه العقيدة هي أن لبنان وطن مشترك ووطن المصير المشترك والعيش، ووطن مجده بتاريخه العظيم وبقداسة وبطولة شعبه"، لافتاً إلى أن "أهم أمر كان لدينا هو منع نظرية طريق القدس يمر بجونية، لأن جونية هي وسط لبنان وليس هناك من طريق إلا طريق الحرية".

وأشار إلى أننا "كنا ندافع عن القضية الفلسطينية بحقهم بالعودة إلى وطنهم ومنع بيع أرضهم"، مشدداً على أن "معركتنا كانت كبيرة بعدم بيع الأراضي أو تسهيل توطين الغرباء في لبنان"، مضيفاً: "أهلا وسهلا بهم لكن يجب أن يعودوا إلى أوطانهم، لأن لبنان ليس وطن إقامة دائمة بل هو للبنانيين".

وفي حين أكد أن "شبابنا وبناتنا أبطال والمقاومة كلها شرف وبطولة وروحانية وقداسة وزهد، والمقاومين هم هؤلاء الزهاد والنساك، الذين كانوا يقدمون أنفسهم قرابين استشهاد لأجل الحرية التي تبقى هي الأساس"، أوضح أن "هؤلاء الشباب ماتوا من أجل الحرية على جبال لبنان ورفعوا علم محبة لبنان والحرية على جبال لبنان".

على صعيد متصل، تحدث مونس عن الرئيس الراحل الياس سركيس، الذي كان مستشاراً له، لافتاً إلى أن "سركيس فارق الحياة حزيناً ولم يكن أحداً يفهم عليه، حيث كانوا يكتبون على الجدران أنه خائن وجبان"، موضحاً أن سركيس "كان يبكي ويقول لن يعي اللبنانيون ماذا يفعلون إلا بعد موتي وسيمحون بدموعهم عن الجدران ما يكتبونه ضدي".

وكشف أنه "في يوم من الأيام طلبت منه ترك الرئاسة والذهاب إلى بلدتنا، الشبانية، فطلب مني الجلوس وسألني عن أسعار الخبز والسكر واللحوم"، وأضاف: "أبلغني أنه لن يترك الكرسي واللبنانيين يجوعون، وسيأتي يوماً يتذكرون فيه أنهم لم يجوعوا وعاشوا بكرامتهم وعندها سأغادر".

وأشار إلى أن سركيس كان لديه حب خاص للرئيس الراحل بشير الجميل، لافتاً إلى أنه "عندما حضرت اللجنة الثلاثية إلى القصر الجمهوري من أجل الإجتماع مع الجميل، الذي كان قائداً للمقاومة، طلب منه سركيس أن يخبر الجميل بضرورة أن يحضر بلباسه العسكري وأن يصرخ كي يدعمه، وبعد ذلك ذهبت اللجنة إلى سركيس وقالت له: إذا كان كل الشعب مثل بشير لا يمكن أن نفعل شيئاً، فقال لهم: هذا هو أفضل واحد في الشعب اللبناني، وهكذا نجاح في الخروج من المرحلة الصعبة".

وكشف مونس أن الأهم لدى سركيس أن يدفن في بلدته الشبانية، مشيراً إلى أن في أحد الزيارات التي كان يقوم بها سايروس فانس (وزير الخارجية الأميركية في ولاية جيمي كارتر) من أجل توطين الفلسطينيين في لبنان، طلب منه سركيس أن يحضر إلى القصر الجمهوري، حيث أخبره بأن فانس يريد منه التوقيع على توطين الفلسطينيين، وأضاف: "أبلغته بأنه في حال وقع لن نستطيع أن ندفنه في الشبانية، فأكد أنه لن يوقع وهذا ما حصل"، مشيراً إلى أنه "عندما توفى كنت وحدي معه، بالإضافة إلى بعض الأصدقاء، ودفناه في الشبانية بالقرب من منزله".