أيقونة لحدث الظهور الإلهيّ حوالي عام ١٧٠٠م.

إنّه عيد الأنوار الذي يبدّد كل ظلمة في حياتنا.

الرب يسوع المسيح يقف في وسط مياه نهر الأردن التي رجعت إلى الوراء أمامه، أمام مجد الإله المتجسّد لخلاصنا، وأربعة ملائكة ترافق حضور ملك الملوك وتنحني أمامه، وعلى يديها ستر إشارة لقداسة يسوع لأنّه قدس الأقداس.

كل المسكونة تشهد لهذا العيد المبارك. إنّه الظهور الإلهيّ الثالوثي الأوّل في العهد الجديد، إذ الآب هو الله، والابن هو الله، والروح القدس هو الله، وهم إله واحد، وواحد في الجوهر.

الآب يعلن أن يسوع هو ابن الله الوحيد (بالمفهوم الإلهيّ وليس البشريّ المحدود بالمفردات مهما سمت)، والروح القدس يشهد أيضًا لألوهة الابن. إنها شركة المحبّة الثالوثيّة الإلهيّة التي يدعونا الله إليها، لكي نترجمها محبّة وتضحية وموازرة بين بعضنا البعض، وذلك بالإصغاء لكلام الرب والعمل به.

مِن هنا سيعود نسمع صوت الآب في عيد التجلّي يتلفّظ بالآية ذاتها مع التأكيد لسلطان الابن الإلهيّ، فيقول: "هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا"(متى ٥:١٧).

هذا العيد يؤكّد نبوءات الأنبياء في العهد القديم عن مجيء المخلّص، وهذا ما نشاهده في أعلى الأيقونة خلف الصخور فوق القدّيس يوحنا المعمدان السابق والصابغ للمسيح: إشعياء النبي الذي يعتبر سفره بمثابة الإنجيل الخامس لكثرة النبوءات فيه عن الرب يسوع المسيح.

فهذا النبي تكلّم على نتيجة الخطايا التي كانت منتشرة مع فرعون وعبادته للأوثان، فقال:

"وَتُنَشَّفُ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرِ، وَيَجِفُّ النَّهْرُ وَيَيْبَسُ، وَتُنْتِنُ الأَنْهَارُ، وَتَضْعُفُ وَتَجِفُّ سَوَاقِي مِصْرَ، وَيَتْلَفُ الْقَصَبُ وَالأَسَلُ." (٥:١٩-٦)، وبشّر بخلاص الرب.

يمد إشعياء يده كأنّه بذلك يُشير إلى تحقيق نبوءته: "وَيَكُونُ إِنْسَانٌ كَمَخْبَأٍ مِنَ الرِّيحِ وَسِتَارَةٍ مِنَ السَّيْلِ، كَسَوَاقِي مَاءٍ فِي مَكَانٍ يَابِسٍ، كَظِلِّ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ فِي أَرْضٍ مُعْيِيَةٍ"(٢:٣٢).

الإنسان العظيم الذي نلتجئ إليه هو المسيح الذي صار إنسانًا مِن أجلنا. فهل يوجد غيره؟.

هو صخرة خلاصنا، والصخرة التي روت الشعب في البريّة، وهو يروينا اليوم وكل يوم إلى آبد الآبدين.

هو أرسل لنا الروح القدس، كما قال لنا:" وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي"(يوحنا ٢٦:١٥).

أمام هذا المشهد الإلهيّ ترتعد الشياطين لأن سطوتها انتهت، فنشاهد تحت أقدام السيّد أربعة رؤوس تنانين مهزومة، الرقم أربعة يشير إلى كل الشياطين التي تعصف بالمسكونة شرًّا وسوءًا.

هذا تحقيق لأّوّل نبوءة في الكتاب المقدّس عن تجسّد المسيح وانتصاره، إذ قال لله للحيّة أن الذي سيأتي مِن نسل المرأة، أي يسوع، سيسحق رأسها: "وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ"(تكوين ١٥:٣).