منذ يومين، وخلال إجتماع مشترك عقد بين وزير الصحة فراس الأبيض ووزير التربية عباس الحلبي بمشاركة مسؤولين تربويين وصحيين، وفي سياق مناقشة الوضع الصحي قبل العودة المرتقبة إلى المدارس الإثنين المقبل، سئل الأبيض، لماذا لا نمدّد العطلة لأسبوع أو لعشرة أيام كي يتم اكتشاف إصابات كورونا التي سجلت خلال ليلة رأس السنة ويوم العيد، فكان جواب وزير الصحة أن "التمديد لعشرة أيام لن يكون كافياً لأنّ موجة تفشي الفيروس التي نشهدها لن تنتهي قبل شهرين، فهل انتم مستعدون لإقفال المدارس طيلة هذه الفترة؟ وهل يمكنكم بعد إقفال كهذا متابعة العام الدراسي""؟.

جواب الأبيض لاقى إستحساناً لدى الحلبي المتحمس بدوره أيضاً لفتح أبواب المدارس في العاشر من كانون الثاني الجاري مهما كان الثمن، كما لاقى تأييداً وترحيباً من الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر.

كل هذه الحماسة لدى هؤلاء المسؤولين لفتح المدارس في هذا الظرف الصحّي والوبائي الدقيق والحرج، هي لفتح المدارس الخاصة فقط كونهم يعرفون كل المعرفة بأن ما من مدرسة رسمية واحدة من عكار الى الناقورة، تكميلية كانت أم ثانوية ستفتح أبوابها بسبب إضراب روابط الأساتذة والمعلمين.

كل هذه الحماسة على رغم علمهم جميعاً بأن كل كلام عن إجراءات ستتخذها المدارس الخاصة للوقاية والحد من إنتشار الفيروس أكثر مما هو منتشر، سيبقى حبراً على ورق ولن يطبق منه إلا القليل القليل وفي عدد قليل جداً من المدارس هذا إذا طبّق حقاً هذا القليل القليل من الإجراءات.

هذه الحماسة التي يمكن وصفها وبضمير مرتاح بـ"المتسرّعة" إنطلاقاً من التجارب الماضية، سرعان ما جاء الردّ عليها من مصدرين، مصدر متوقّع يرفع مطالب صحية ومالية واجتماعية هو نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، ومصدر غير متوقّع ووقع موقفه كان أقوى لدى الأساتذة والأهالي من وقع موقف نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، وهنا نقصد بعض إدارات المدارس الخاصّة التي سبقت موقف النقابة الرافض للعودة الى التعليم الحضوري الإثنين، معلنة رفضها للعودة الى التعليم الحضوري في العاشر من الجاري وممددةً العطلة لعشرة أيام قابلة للتمديد كي ننتهي من موجة إصابات رأس السنة. موقف هذا البعض من إدارات المدارس الخاصّة كانت سباقةً بإتخاذه مدارس عدّة في مدينة جبيل، قرّرت أن تغرد خارج سرب الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية وخارج سرب وزارتي التربية والصحة وذلك إنطلاقاً من قاعدتي "يلّي بياكل العصي مش متل يلي بيعدّها"، و"صحة الأساتذة والإداريين والتلامذة فوق كل إعتبار".

وإذا أراد البعض أن يفسّر الموقف العقلاني الذي اتّخذه البعض من إدارات المدارس الخاصّة وكأنه ضرب للعام الدراسي، يمكنه، على سبيل المثال لا الحصر، قراءة هذه الرسالة التي وجهتها إدارة ثانوية القلبين الاقدسين في جبيل للأهالي والأستاذة والتلامذة، وفيها يظهر مدى حرص المدرسة على استكمال العام الدراسي وعلى كيفية متابعة التلامذة بفروض ودروس ترسل لهم إلكترونياً خلال العطلة الممددة، وكيف أنّها بعد عودتهم الى صفوفهم ستعمد الى تقسيمهم الى مجموعات لتأمين التباعد المطلوب.

لا يا وزيري التربية والصحة ويا حضرة الأب نصر، عشرة أيام لا تؤدّي أبداً الى ضرب العام الدراسي.

عشرة أيام هي بمثابة درهم الوقاية الذي يفوق بكثير قنطاراً من العلاجات في بلد أصبح فيه العلاج صعباً وغير متوافر والدواء مفقوداً، وإذا وُجد فهو مخصص لفئة الأغنياء فقط.

وكل التّحية تبقى لكل إدارة مدرسة خاصة تعاطت بعقلانيّة لا بتسرع مع العودة الحضورية الى المدارس.