مهما حاول المدافعون عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولغاية في نفوس اليعوقبيين وما أكثرهم، التصويب على تعميم منع السفر الذي أصدرته المدعي العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون بحقّ حاكم البنك المركزي، ستبقى المعطيات والمعلومات التي دفعتها الى إتخاذ قرارها أقوى بكثير مما سيقوله المستفيدون من الحاكم مباشرة أو بطريقة غير مباشرة. معطيات ومعلومات جمعتها القاضية عون من سلسلة تحقيقات أجرتها وإفادات إستمعت الى أصحابها من مدراء ومسؤولين ماليين في مصرف لبنان وغيره، وجميعهم دانوا سلامة.

بداية عون مع ملفّ سلامة الذي أدّى الى منعه من السفر، كانت مع مقال نشره المدير العام السابق في وزارة المال آلان بيفاني، وفيه فنّد الأخير بالأرقام كيف تعمد الحاكم إخفاء الخسائر الماليّة المتلاحقة على رغم علمه بها، معتمداً سياسة الإفراط في طمأنة اللبنانيين إنطلاقاً من قاعدته الشهيرة "الليرة بألف خير".

بعدها إطلعت القاضية عون على تقرير صادر عن البنك الدولي في العام 2015 ونبّه فيه البنك الدولي سلامه من خسارة مالية شهدها الإحتياطي الصافي المالي من العملات الأجنبية في مصرف لبنان، قيمتها 5 مليار دولار. على رغم كل ذلك تابع سلامة وبغطاء من الطبقة السياسية بسياساته المالية وهندساته القائمة على مقولة لا "خطر على الليرة" ما دفع بالكثير من المودعين الى نقل أموالهم من مصارف أجنبية الى المصارف اللبنانية.

حتى في عزّ الأزمة المالية والإنهيار، وتحديداً في نهاية العام 2019 أي عشية إنتفاضة 17 تشرين الأوّل 2019 وبعدها، تأكدت القاضية عون من أن سلامة أعطى قروضاً لعدد من المصارف وهو كان يعلم أنها لن تقوم بتسديدها إلا بـ"اللولار" أي بالدولار المصرفي لا بالدولار الـfresh.

أيضاً وأيضاً من الفضائح التي إنطلقت منها مدعي عام جبل لبنان كي تمنع سلامة من السفر، ملفّ شقة باريس الشهيرة القائمة في منطقة الشانزليزيه. هذه الشقة الذي إستأجرها مصرف لبنان كمقر لحالات الطوارئ، تبين أنه يدفع، ومنذ العام 2010، مبلغ 37 ألف يورو كبدل لإيجارها الشهري، بينما لا تصل قيمة إيجارها الفعلية الى هذا المبلغ المُبالغ فيه. كما تبين أيضاً أن مالكة الشقة هي شركة تعود ملكيتها لواحدة من صديقات رياض سلامه.

كل هذه المعطيات والمعلومات، جمعتها القاضية عون ووثّقتها بناء على تحقيقات أجرتها وعلى إفادات مسؤولين كبار أبرزهم آلان بيفاني ومدراء حاليين وسابقين في مصرف لبنان، وبناء على الشكوى التي قدمتها مجموعة الشعب يريد إصلاح النظام عبر المحاميين هيثم عزو وبيار الجميل، هذا من دون أن ننسى الشكوى التي تقدم بها ضد الحاكم تجمع إستعادة الدولة ممثلاً بالخبير المصرفي والمالي حسن خليل.

وهل هناك من يسأل بعد، لماذا منعت غادة عون رياض سلامة من السفر؟.