اشارت صحيفة "الغارديان" الى إن وزارة الداخلية البريطانية أخبرت طالبيْ لجوء سياسي من اليمن وأفغانستان أن بإمكانهما العودة إلى بلديهما "الآمنين". وأضافت أن رفض وزارة الداخلية لطلبيْ اللجوء هو خرق للتعليمات البريطانية التي تحظر عملية الترحيل القسري إلى كل من اليمن وأفغانستان.

وعلمت "الغارديان" أن اليمني البالغ من العمر (36 عاما) والأفغاني البالغ من العمر (21 عاما) تلقيا رسائل من مسؤولي الحكومة، قالوا فيها إن عودتهما إلى بلديهما لا تعرض حياتهما للخطر. ويأتي الكشف عن قضية الرجلين بعد حالة أخرى رُفض فيها طلب سوري (25 عاما) قيل له إن بإمكانه العودة إلى سوريا التي لم تعد محور حرب. وتحذر تعليمات الحكومة وكذا تعليمات المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة من مخاطر عودة اللاجئين إلى بلدان مثل سوريا وأفغانستان واليمن.

وتلقى السوري الذي تقدم بطلب لجوء في بريطانيا عام 2020 رسالة من مسؤول في وزارة الداخلية تخبره برفض طلبه، وأنه لا خطر عليه لو عاد إلى سوريا. وهرب السوري من الخدمة الإلزامية في الجيش عام 2017 لأنه لم يكن يريد المشاركة في قتل السوريين. وقال إنه لو عاد إلى سوريا من جديد فسيعتبر هاربا من الخدمة الإلزامية وسيسجن ويقتل. ورغم اعتراف وزارة الداخلية بهروبه من الخدمة في الجيش، إلا أن رسالة الرفض أكدت: "ليس مقبولا أنك ستواجه مخاطر الاضطهاد أو مخاطر الأذى الخطير في حال عودتك إلى الجمهورية العربية السورية، بسبب رأيك السياسي المزعوم كمتهرب من الجيش".

وفي اليوم الذي طلبت فيه "الغارديان" من وزارة الداخلية التعليق، تلقت محامية السوري رسالة إلغاء للقرار "لقد تم الاستنتاج بأن قرار رفض الحماية لموكلك لم يكن بناء على موقف سياسة الدولة المنشورة لوزارة الداخلية، وعليه فقد تم سحبه باحتمال منح حق اللجوء".

وعلمت "الغارديان" عن حالة طالب لجوء يمني تلقى رسالة مماثلة برفض طلبه في حزيران 2021، وأن بإمكانه العودة إلى بلده؛ لأن المسؤولين في وزارة الداخلية "يرفضون فكرة وجود مشاكل في اليمن". ويعمل الرجل البالغ من العمر محاسبا ومتزوج وله ولدان، ويعاني من مشاكل جسدية ونفسية. ولكن رسالة الرفض تقول: "هناك برنامج صحة عامة كبير في اليمن"، مع أن النظام الصحي في اليمن متهالك وغير موجود في أماكن من البلاد.

وعلّق طالب اللجوء بالقول: "لقد شعرت بالكآبة وخيبة الأمل بالقرار، فكل ملامح اليمن هي كارثة". وتقدم محاميه باستئناف على القرار، إلا أن هناك تأخرا في النظر بالقضايا ولم يبلّغ محاميه بموعد استئنافه.

وفي حالة ثالثة، وصل شاب أفغاني إلى بريطانيا وعمره 16 عاما بعد هروبه من التجنيد الإجباري في المدارس الدينية التابعة لطالبان، وأخبرته وزارة الداخلية أنها تريد إلغاء وضعيته كلاجئ وبإمكانه العودة إلى أفغانستان بسبب إدانته بمخالفات تتعلق بـ"الكانابيس" أو الحشيش.

وتعود رسالة وزارة الداخلية إلى 15 كانون الأول 2021، وتنص على أن طالبان هي السلطة الجديدة في أفغانستان. وتضيف: "لم يعد ينظر إلى أن "طالبان" سيهتمون بشخص من المستوى المتدني مثلك".

وفي الوقت الذي قالت فيه المفوضية السامية للاجئين إنها لا تستطيع التعليق على حالات فردية، إلا أنها تطالب الدول بتعليق الترحيل القسري للاجئين السياسيين إلى "دول لا تزال متقلبة وتفتقد الأمن الكافي أو لا تستطيع تقديم حماية كافية لحقوق الإنسان". وقال المتحدث باسم المفوضية: "أفغانستان، اليمن وسوريا هي من بين الدول التي توصي المفوضية بتجنب الترحيل القسري إليها. وفي الوقت الذي خفّ فيه العنف في أفغانستان، إلا أن هناك أزمة إنسانية طارئة بشكل يجعل من عملية الترحيل القسري غير مناسبة. وفي كل من اليمن وسوريا فالأزمة الإنسانية الحادة مترافقة مع النزاع وغياب الأمن".

وقالت أنيتا فاشيشت، المحامية في شؤون الهجرة بمكتب محاماة ويلسون، وهي الشركة التي تمثل السوري: "الحقيقة الصعبة والقاسية هي أن وزارة الداخلية رفضت الطلب وأن قرارها تسبب بضغط نفسي لموكلنا. وأجبرنا الرفض على التقدم باستئناف نيابة عن موكلنا وهو ما عنى أن تقوم المحكمة بتخصيص مصادرها للتعامل مع الاستئناف. وهذا مثال صادم ورهيب وغير قانوني في طرق إصدار القرارات من جانب وزارة الداخلية".

وقال المحامي جيمي بيل من شركة محاماة دانكن لويس، الذي يمثل اللاجئ الأفغاني: "في سياق الوضع الأمني والإنساني المتدهور في أفغانستان بشكل مستمر، فمن المثير للقلق تفكير وزارة الداخلية وبدون أساس وفي خرق واضح للسياسات، أن أفغانستان قد تكون آمنة لمن كانوا ضحايا سابقين لطالبان".

واوضح متحدث باسم وزارة الداخلية: "لا نعلق بشكل روتيني على حالات أو أفراد. ويتم التعامل مع كل طلبات اللجوء بما فيها من اليمن وسوريا وأفغانستان حالة حالة وبناء على الحقائق التي قدمها طالب اللجوء". و"هذا هو الوضع بعيدا عن بلد المتقدم الأصلي والوضع هناك. ولن نعيد أي شخص يتعرض للاضطهاد أو الأذى الكبير".