تتشخّص الأنظار في المرحلة المقبلة، لمعرفة الخطوات الّتي ستتّخذها الحكومة اللبنانية، على صعيد الموازنة وخطّة التّعافي الاقتصادي وغيرها من الملفّات الشّاكة، في ظلّ أزمة اقتصاديّة غير مسبوقة تشهدها البلاد؛ وذلك بعد موافقة ما يُعرف بـ"الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل) على العودة إلى المشاركة في جلسات مجلس الوزارء بعد تعطيل لـ3 أشهر.

وأكّدت مصادر سياسيّة لصحيفة "الجمهورية"، أنّ "الواقعيّة تفترض عدم المبالغة في التوقّعات، وتحميل الحكومة ما هو فوق طاقتها، واذا كانت مقاطعة الثنائي الشيعي للحكومة قد شكّلت عاملًا سلبيًّا مَنع الحكومة من العمل والإنجاز، إلّا أنّه ليس العامل التعطيلي الوحيد الذي مثل امامها، بل هو يضاف إلى عامل يوازيه، وربما يفوقه في السلبية والمتمثل في غياب القرار السياسي للقيام بالخطوات الاصلاحية والانقاذية المطلوبة من الحكومة، وهو الأمر الذي لطالما كان محل انتقاد المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية التي أجمعت كلها على اتهام المسؤولين السياسيين بالهروب من مسؤولياتهم والتنصل من الايفاء بالتزاماتهم الاصلاحيّة".

وشدّدت على أنّ "الأهم يبقى في بلورة القرار السياسي الجدّي بالافراج عن الحكومة وتمكينها فعلا من تحقيق علاجات حقيقية للأزمة بعيدا عن أيّ حسابات سياسية او مصلحيّة، تساهم في احتواء الوضع بجوانبه الاقتصادية والمالية، وتوحي للمواطنين بشيء من الاطمئنان".

في سياق متّصل، كشفت مصادر وزاريّة لـ"الجمهوريّة"، أنّ "تحضير مشروع الموازنة يجري بوتيرة سريعة، بهدف الفراغ منه في مهلة سقفها الأعلى اسبوعان، على أن تحال مباشرة الى مجلس الوزراء، الذي سيعقد سلسلة جلسات مخصصة لمناقشة الموازنة والبَت فيها بصورتها النهائية واحالتها الى المجلس الينابي لمناقشتها وإقرارها".

وتعليقا على عودة وزراء "أمل" و"حزب الله"، رأت مصادر دبلوماسية غربيّة انّ "الحكومة اللبنانية تأخرت كثيرا في القيام بما هو مطلوب منها لاحتواء الازمة في لبنان، وفي أي حال فإنّ الوقت لم يفت بعد، وفي امكان الحكومة ان تسلك السكة الصحيحة في مجالات الاصلاحات، وهذا يفترض على المسؤولين اللبنانيين تسهيل مهمتها، وصولاً الى اجراء الانتخابات النيابية في اجواء هادئة وسليمة".

لبنان يتلمس "فرصة" لبدء التحول من الانهيار إلى الإنقاذ الاقتصادي

على الصعيد المالي، لاحظت مصادر مالية ومصرفية، لصحيفة "الشرق الأوسط"، "ورود إشارات دولية متعددة المصادر يؤمل انضاجها تباعا، بحيث يمكن أن تشكل، بتضافرها مع المستجدات المحلية، فرصة كبيرة واستثنائية لوضع لبنان على مسار كبح مسلسل الانهيارات المتوالي من دون هوادة على مدار 27 شهرا، ومن ثم حشد التوافق الداخلي والدعم الخارجي لخطة الإنقاذ والتعافي الموعودة".

سلامة يعد ميقاتي بـ"تهدئة" سوق القطع: ضخّ مليار دولار قبل الانتخابات

من جهتها، ذكرت صحيفة "الأخبار" أنّ "ما فعله مصرف لبنان منذ فتح "كوتا" إمداد المصارف بالدولار على مصراعيها ولغاية اليوم، لا يعدّ سوى تبذير للدولارات لتقديم الدعم السياسي لرئيس الحكومة وسائر قوى السلطة. يتردّد أن الحاكم رياض سلامة، وعد الرئيس نجيب ميقاتي، بأن يعمل على تهدئة سوق القطع من خلال ضخّ مليار دولار في السوق خلال الأشهر الأربعة المقبلة، أي لفترة ما قبل الانتخابات النيابية. ويتوقع سلامة أنه من خلال ضخّ هذا المبلغ سيكون قادراً على سحب كمية كبيرة من الليرات المتداولة في السوق، وأن يكون قادراً على خفض سعر الصرف".

"تنسيق" لا فرض

أكّدت أوساط "الثنائي" لصحيفة "الديار"، أنّ الأخير "لم يفرض جدول أعمال محددًا على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ومن يروج لهذا الكلام يسعى الى "دق اسفين" مع رئيس الحكومة، الذي نسق مع حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري مسألة العودة الى جلسات الحكومة، وجرى تحديد مشترك لأولوية إقرار الموازنة ومناقشة خطة التعافي المالي، وخطة الكهرباء، كمدخل للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وهذان البندان يؤمنان استقرار الحكومة ويبعدانها عن البنود الخلافية غير المجدية الان.".