نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مراقب سياسي للأجواء داخل جمهور "الثنائي الشيعي" بعد عودته عن قرار مقاطعة جلسات الحكومة، تأكيده إن "حزب الله" كان في غنى عن تبرئة نفسه من التداعيات المترتبة على تعطيل مجلس الوزراء ورمي المسؤولية على حركة "أمل" ، مشددا على أنه "كانت للحزب اليد الطولى في الإعداد لصفقة المقايضة بين الإفراج عن الجلسات، في مقابل حصر محاكمة الوزراء والرؤساء أمام المجلس الأعلى التي أسقطها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي".

وكشف أن "تحميل رئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤولية مقاطعة الجلسات، فتح الباب أمام سجال صامت بين الحليفين الشيعيين، مع أن عودتهما عن المقاطعة جاءت تتويجاً لمزاج جمهور الثنائي الشيعي الذي لم يجد مبرراً لموقفه ويتعارض مع الأجواء بداخل بيئته الحاضنة، خصوصا المودعين والموظفين في القطاع العام والمتقاعدين والمياومين وأصحاب المهن الحرة والعاملين فيها، ممن لا يتقاضون رواتب شهرية من "حزب الله" ولا يستفيدون من الخدمات التي تقدمها المؤسسات التابعة له، وهؤلاء جميعاً شكلوا ضغطاً على الحزب ما اضطره لتبديل موقفه".

كما رأى أن "عودة "الثنائي الشيعي" عن مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، هو تصحيح للخطأ الذي أوقع نفسه فيه لتدارك أخذ البلد إلى انفجار اجتماعي ولو جاء متأخراً لئلا يتحمل المسؤولية الكبرى حيال انهياره"، مؤكدا أن" الحزب سيتحمل القسط الأكبر من المسؤولية بعد أن أصبح مكشوفاً ولا يجد من يدافع عنه من حلفائه، بعد أن قرر "التيار الوطني الحر" الالتحاق بركب معارضي الحزب".

واعتبر المراقب نفسه أن "الحزب وجد نفسه محشوراً ليس من قبل خصومه فحسب، وإنما من حلفائه مع اشتداد الحملات عليه بقيادة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، مع أن الفريق السياسي المحسوب على حليفه بدأ يتجاوز الخطوط الحمر بتسليط الأضواء على الاستراتيجية الدفاعية بخلاف ما نصت عليه ورقة التفاهم بين نصر الله ورئيس التيار آنذاك العماد ميشال عون في شباط 2006.

وفي هذا الإطار، أوضح أن "باسيل لا يدعو إلى إعادة النظر بورقة التفاهم بمعزل عن رئيس الجمهورية الذي لا يغض الطرف عن استهداف الحزب فحسب، وإنما يتزعم الحملة تحت ستار دعوته لانعقاد مجلس الوزراء من دون أن يميز بين حليفه "حزب الله" وخصمه بري، الذي يعترض على إدراج بند التعيينات الإدارية على جدول أعمال الحكومة، وهذا ما يجدد الاشتباك السياسي بينهما، وإن كان ميقاتي باعتباره المستفيد الأول من فك أسر الحكومة، ليس في وارد الوقوف على الحياد".

وشدد على أن "ميقاتي سيوصد الأبواب في وجه من يحاول إقحام الحكومة في اشتباك يؤدي إلى انفجارها من الداخل، على خلفية طرح التعيينات من خارج جدول الأعمال التي سيعارضها بشدة لمنع تحويلها إلى محاصصات انتخابية".

تجاوز للدستور والقانون معاً

بالتوازي، اعتبرت مصادر نيابية مقربة من رئاسة الجمهورية، في حديث لـ" الشرق الأوسط"، أن تحديد حزب الله للقضايا التي قال إنه سيشارك في الحكومة لمناقشتها، "هو سابقة ونتيجة الأمر الواقع الذي يعيشه لبنان"، مؤكدة أن" ذلك تجاوز للدستور والقانون معاً".

وتغمز المصادر من قناة رئيس البرلمان نبيه بري الذي سبق له أن أكد أن المجلس النيابي "سيد نفسه" بالقول: "كما السلطة التشريعية لا تقبل الشروط وتعتبر أنها سيدة نفسها، يجب أيضاً على السلطة التنفيذية أن تمارس عملها بعيداً عن أي شروط".

وفيما تشدد المصادر على أن جدول الأعمال، دستورياً، يحدد بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة، تقول: "عندما تحدد الجدول أي جهة أخرى ليست ذات صفة يعني أن ذلك غير دستوري لكن للأسف هذا الواقع القائم حيث عمد ثنائي حزبي أحد أركانه رئيس البرلمان إلى وضع الشروط وترك موضوع انعقاد الجلسات معلقاً للبحث ببقية المواضيع".

ميقاتي يعمل على موازنة مرنة للتخفيف من وطأة الأزمة

إلى ذلك، أكدت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يعمل على ان تكون الموازنة مرنة، بحيث انها تُوائِم بين التخفيف من وطأة الازمة وبين متطلبات خطة التعافي وما تتضمنه من اصلاحات انقاذية".

ولفتت الى ان جدول الاعمال جلسة الحكومة الاثنين المقبل يتضمن بنوداً أخرى منها ما انجزته اللجان الوزارية المالية والادارية، وخصوصا تلك التي سُمّيت المنحة او المساعدة الاستثنائية لموظفي القطاع العام من مدنيين وعسكريين بمعدل راتب شهر، وكذلك تلك التي تتصل بزيادة تعويض الانتقال لموظفي القطاعين العام والخاص. ومن بين البنود ايضا تمديد العقود المبرمة مع اكثر من 6 آلاف موظف متعاقد في الوزارات والإدارات الرسمية للحصول على رواتبهم نهاية الشهر الحالي التي كانت مهددة بالتوقف.

والى ذلك نفت مصادر "الثنائي الشيعي" عبر "الجمهورية"، كل "الكلام الذي تحدث عن عودة وزرائه الى جلسات مجلس الوزراء في شكل اعتيادي، وان البيان الذي صدر عنه لم يكن سوى تبرير للنزول عن الشجرة". واكدت "ان الموقف واضح وضوح الشمس ولا يحتاج إلى تحليل فالعودة مشروطة بحضور جلسات الموازنة وخطة التعافي وكل ما يرتبط بهما من قضايا معيشية ملحة فقط لا غير".

تأجيل الانتخابات البلدية

وفي غضون ذلك، علمت" الجمهورية" ان هناك اتجاها لوضع مشروع قانون او اقتراح قانون بتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية رسميا لتعذر حصولها لأسباب لوجستية ومالية، خصوصا ان موعدها يأتي بعد الانتخابات النيابية المقررة في ايار المقبل والتي بدأت تحوم الشبهات حول سعي البعض الى تأجيلها ايضاً.

تأجيل زيارة وفد صندوق النقد للبنان؟

وفي هذه الاجواء كشفت مصادر مالية مطلعة لـ"الجمهورية" ان وفد صندوق النقد الدولي الذي كان مقررا وصوله الى بيروت في 21 الحالي قد أرجأ زيارته أيضا. وتأكيداً لهذه المعلومات أشارت مصادر اللجنة الوزارية المكلفة تحضير ملف لبنان الى هذه المفاوضات المرتقبة مع الصندوق ان فكرة طرحت من التنظيم تتلخّص في الاجتماع مع الصندوق عبر الوسائط الالكترونية بديلا من الاجتماع الحضوري المباشر الذي كان مقررا في بيروت، وذلك للبحث في العناوين الرئيسية المدرجة في جدول أعمال الاجتماع. ولفتت المصادر الى ان هذا الخيار سيحسم خلال الساعات المقبلة من عدمه.

الى ذلك كشفت مصادر ديبلوماسية غربية، ان الموفد الاميركي المكلف متابعة ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل عاموس هوكشتاين أرجأ زيارة للبنان كانت مقررة هذا الشهر بسبب الترتيبات الاميركية التي وضعت حدا لتحركات الديبلوماسيين الأميركيين خارج الاراضي الاميركية نتيجة تفاقم تفشي وباء كوفيد ومتحور اوميكرون. وقالت المصادر الديبلوماسية ان وزارة الخارجية اللبنانية تبلغت هذه المعلومات قبل فترة قصيرة، وان الإتصالات ستتجدد مطلع شباط لتحديد الموعد المقبل لهذه الزيارة.

وعلى رغم من إرجاء هاتين الزيارتين فقد كشفت مصادر ديبلوماسية اوروبية لـ"الجمهورية" ان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية السيد جان لويس بورلانج، سيصل الى بيروت غدا على رأس وفد من اعضاء اللجنة في زيارة استطلاعية يجول خلالها على المسؤولين اللبنانيين الكبار، ويلتقي نظراءه من النواب وعددا من القيادات الروحية.