توحي بعض المؤشرات بأن شهر شباط المقبل قد يكون موعد التحولات على مستوى الأزمة اللبنانية، خصوصاً أن العديد من الملفات باتت مؤجلة إلى هذا الشهر، الذي من المفترض أن تشهد فيه المسارات التفاوضية على مستوى المنطقة تحولات كبرى، لا سيما ما يتعلق بالملف النووي الإيراني.

في هذا السياق، كان من اللافت أن يتم تأجيل زيارة الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل آموس هوكشتاين، بالإضافة إلى زيارة بعثة صندوق النقد الدولي، إلى لبنان إلى شباط، في حين أن الانتهاء من مشروع الموازنة العامة لا يمكن أن يتم قبل الشهر نفسه، أيّ أن الفترة الفاصلة، في ظلّ تركيز كافة النقاشات السياسية حول هذه العناوين، لن تكون إلا لتمرير الوقت أو تمهيد الأرضيّة لما هو منتظر.

حول هذا الموضوع، تؤكّد مصادر سياسية مطّلعة، عبر "النشرة"، أنّ أيّ اتفاق في مشاورات فيينا من المفترض أن ينعكس على الملفّ اللبناني، نظراً إلى أنه يفتح الباب أمام مناقشة مختلف الملفات الاقليمية العالقة، لا سيما أنّها في الوقت الراهن، ليست من أولوية القوى الكبرى التي تركز على الانتهاء من الملف النووي، لقناعتها بعدم القدرة على انجاز أي شيء آخر قبل الانتهاء منه.

ضمن هذا الاطار، تضع المصادر نفسها المماطلة الي تظهرها الولايات المتحدة، في ما يتعلق بإنجاز اتفاق استيراد الغاز المصري واستجرار الكهرباء من الأردن عبر سوريا، حيث تعتبر أن واشنطن لا يمكن أن تقدم هذه الورقة الكبيرة، قبل معرفة المسار الذي من الممكن أن تسلكه الأوضاع على مستوى المنطقة، الأمر إذ من المفترض أن يتضح بعد الانتهاء من الملفّ النووي أيضاً، وتضيف: "في الأصل هذا الملف مرتبط بشكل جوهري بترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل".

في الوقت الراهن، لا يمكن الحديث عن ارتباط أيّ تحول على الساحة اللبنانية بالأوضاع على مستوى المنطقة، كالّذي حصل عند اعلان "حزب الله" و"حركة أمل" عودتهما عن قرار مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، بدليل التوترات التي كان قد شهدها الملفّ اليمني، بالإضافة إلى العقوبات الأميركيّة الجديدة على مقرّبين من "حزب الله".

بالنسبة إلى المصادر السّياسية المطلعة، هناك قناعة عند العديد من القيادات اللبنانية بأن موعد الوصول إلى الحلول بات أقرب من أيّ وقت مضى، الأمر الذي يبرر دخول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على خط تهدئة الأوضاع في سعر صرف الدولار في السوق السوداء، بعد اتفاق سياسي كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أحد أبرز أركانه، بينما كان سلامة نفسه يرفض أيّ تدخل في السوق في الفترة الماضية، مع العلم أنّ الوقائع الماليّة والاقتصاديّة كانت أفضل من تلك القائمة اليوم.

بالإضافة إلى ذلك، تشير المصادر نفسها إلى عدم مبادرة مختلف القوى السياسية إلى حسم تحالفاتها الانتخابية، حيث الجميع يفضل الانتظار، في المرحلة الراهنة، على أمل وضوح الصورة الاقليمية في المقبل من الأيام، وتعطي مثالاً على ذلك عدم استعجال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في الاعلان عن موقفه النهائي من هذا الاستحقاق، بالرغم من أنّ المعلومات كانت أشارت الى احتمال حصوله في بداية العام الجاري.

في المحصّلة، تدعو هذه المصادر إلى متابعة ما قد يحمله الشهر المقبل من تطورات على المستويين المحلي والاقليمي، لكنها تؤكّد أنّ الاتفاقات النهائيّة، في ما يتعلق بالملفّات اللبنانيّة، لن تكون قبل موعد الانتخابات النّيابية، حيث أن الرهان هو على الانتهاء من النقاشات الأوليّة، التي تمهد الطريق نحو الحسم بعد الاستحقاق الانتخابي، لكنها تشير إلى أن الأجواء المرافقة قد تتبدل إلى حد كبير.