لا يزال رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​ متفائلاً بشأن مستقبل حكومته وما يمكنها أن تحقق، مع أنه يعلم الى جانب كل المشاركين بمجلس الوزراء أن الحكومة لن تتمكن سوى من إقرار الموازنة ربّما وإجراء ​الانتخابات النيابية​، التي يظن البعض أنها لن تحصل.

لم يبقَ للحكومة الكثير لتفعله وهي التي لم تُشكل أصلا لتقوم بالكثير، وهي إن استطاعت تمرير المرحلة حتى الانتخابات تكون فعلت ما عليها، فهل يمكن لها الاستمرار حتى ذلك الموعد أم أن عملها سيُعرقل مجدداً؟.

منذ الاعلان عن عودة ​الثنائي الشيعي​ إلى حضور جلسات مجلس الوزراء، تطرح الكثير من السيناريوهات حول المسار الذي من الممكن أن تسلكه حكومة نجيب ميقاتي الثالثة، لا سيما بعد أن تعرقل عملها على مدى أشهر طويلة، نظراً إلى أن الخلافات بين أركانها لم تنتهِ بشكل كامل، خصوصاً بين "​التيار الوطني الحر​" و"​حركة أمل​".

في هذا السياق، كان من الواضح أن كلاً من رئيسي الجمهورية ​ميشال عون​ والحكومة نجيب ميقاتي يتجنبان الدخول في سجال جديد مع الثنائي، لا سيما بعد أن عمد الأخير، بطريقة غير مباشرة، إلى التعدّي على صلاحياتهما، من خلال تحديد جدول أعمال جلسات مجلس الوزراء التي من الممكن أن يشارك فيها، إلا أن ذلك لا يلغي امكانية العودة إلى هذه الخلافات في أيّ لحظة، خاصة إذا ما أصرّ أحد أطراف الحكومة على فرض ملفّات على جدول الأعمال كالتعيينات على سبيل المثال.

ملفّات أساسيّة ستُبحث على طاولة مجلس الوزراء الاسبوع المقبل، منها الموازنة وما يتعلق بملفات حياتية أساسية للمواطنين كالمنح والمساعدات المالية التي وعدت بها الحكومة ولم تنفذ بسبب غياب جلساتها.

في هذا الإطار، يمكن الحديث عن أجواء إيجابيّة ترافق هذه العودة للاجتماع، تتمثل بشكل أساسي في الانخفاض الحاصل في سعر صرف ​الدولار​ في السوق السوداء، لكن في المقابل هناك من يرى أن جلسات مناقشة ​الموازنة العامة​ لن تكون بالسهولة التي يتصوّرها البعض، بسبب الاجراءات التي من المفترض أن تتضمّنها على المستوى المالي، وبعضها قد يكون قاسياً، خاصة اذا ما قرر الوزراء التعاطي بشعبويّة مع ملفّ بهذا الحجم.

من هذا المنطلق، لدى بعض الأوساط قلق من احتمال سعي بعض الأفرقاء السياسيين، سواء في الحكومة أو في مجلس النواب، إلى عرقلة إقرار الموازنة التي من المفترض أن تتضمن اجراءات غير شعبية، نظراً إلى أن الجميع يتوجّس من تداعيات ذلك على المستوى الشعبي، قبل أشهر قليلة من موعد الاستحقاق الانتخابي، في حين أنّ الانتهاء منها يعتبر شرطاً أساسياً من شروط ​صندوق النقد الدولي​، للإستمرار بالتفاوض والتوصل الى مسوّدة اتفاق.

كذلك هناك من يتحدّث أيضاً عن اختلاف كبير بين الوطني الحر والثنائي الشيعي بشأن ملف التعيينات، حيث يصر الاول على تمريره ويرفض ذلك الفريق الثاني، والى جانبه رئيس الحكومة الذي يخشى من انزعاج غربي منه بحال فتح ملف التعيينات قبل موعد الانتخابات بأسابيع قليلة. لذلك يمكن القول أنّ أجواء مجلس الوزراء إيجابيّة حتى اللحظة دون أن يعني ذلك أن انفجار الحكومة ليس مطروحاً على الطاولة أيضاً.