اعتبرت مجلة "إيكونوميست" في تقرير عن الأوضاع المتوترة في البحرين، إن السنة والشيعة لا يزالون متباعدين بل أكثر من الماضي. ولفتت الى إن وفاة خليفة بن سلمان عام 2020، والذي كان يعد أطول رئيس وزراء بقاء في منصبه بالعالم، أدّت لحداد في البحرين، وهزّات من الفرح والنشوة أيضا. وتم تعيين ابن عمه سلمان بن حمد الخليفة ليأخذ مكانه. ونظر للأمير سلمان، وهو النجل الأكبر وولي العهد في البحرين على أنه الجسر بين السنة والغالبية الشيعية المضطهدة. ففي عام 2011 وعندما طلبت السلطات دعم الإمارات والسعودية للمساعدة في سحق الانتفاضة، كان من الداعين للحوار.

وكان قادة الشيعة الذين عانوا من السجن والتعذيب يأملون بإطلاق سراح المعتقلين ومنح أبناء طائفتهم الحقوق المتساوية، بل وتمرير قانون يحرم التمييز. ولم يحدث أي شيء من هذا القبيل. فقد تم حظر جماعة الوفاق، الحزب الرئيسي المعارض في البحرين عام 2016، بتهمة خلق "جيل جديد من حملة روح الكراهية"، مع أنه يمكن إدانة الحكومة وبسهولة بنفس الجريمة.

ولا يزال زعيم الوفاق علي سلمان وعدد من عناصر الجماعة خلف القضبان. ويتوقع المسؤولون ونقاد الحكومة على حد سواء أنه بدون اتفاق سياسي مع الشيعة فستندلع النيران مرة أخرى في المملكة. وهناك من يتوقع السيناريو الأسوأ، بأن ينتقل العنف من الجزيرة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 48 كيلو مترا طولا و16 كيلومترا عرضا إلى المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية التي لا تبعد سوى 20 كيلومترا، محل سكن الشيعة وآبار النفط.

ورات المجلة أن تحسين العلاقات السنية- الشيعية مهمة صعبة. وتحيط بالملك حمد بن عيسى مجموعة من المتشددين الذي يفضلون الحكم من خلال القبضة الحديدية. وأحد هؤلاء ناصر، الشقيق الأصغر للأمير سلمان، والذي يشغل منصب مستشار الأمن القومي، ويقال إنه الابن المفضل للملك. وهناك ابنا عمومة بارزين، خالد، وزير الديوان الملكي، وخليفة هو رجل عسكري، ومن المؤمنين بالتشدد مع الشيعة. ولا تنس جيران البحرين، السعودية والإمارات، حيث تتعامل هاتان الدولتان مع المملكة كتابع أو وكيل لهما وتعارضان في الوقت نفسه أي تلميح للديمقراطية. أما الدول الغربية، فقد توقفت عن ممارسة الضغوط على المملكة لكي تقوم بإصلاحات.

ويعاني الجانب الشيعي من انقسامات، فآية الله، عيسى قاسم، الزعيم الروحي للوفاق، انتقل قبل عدة سنوات من لندن إلى قم، المدينة المقدسة في إيران. وعلى ما يبدو، فهو مصمم على تحويل الجماعة لمخلب إيراني. وهناك بعض الشيعة ممن يحاولون تصوير آل خليفة على أنهم غرباء، مع أنهم وصلوا إلى البحرين من قلب الجزيرة العربية قبل عدة قرون. ويحاول بعض الشيعة التواصل مع النظام، والتقى المرجع الشيعي عبد الله الغريفي مع الملك العام الماضي، ويتم التعامل مع شخصيات معتدلة مثله على أنهم خونة.

وبالتأكيد، يمكن للأمير سلمان عمل المزيد. لكنه استبعد الشيعة من الوظائف المهمة، ويبدو غير متحمس حول قيادة البرلمان الذي صوت العام الماضي لتقييد سلطاته المحدودة وأكثر. وبحسب التغريدات على حسابه في تويتر، فالأمير يترأس أسبوعيا جلسات الحكومة، لكن لا يعرف ماذا يتم النقاش فيها.

ويشير قسم "الرؤية" من موقعه: "ستواصل البحرين تحقيق أهدافها الطموحة لمنفعة كل المملكة". لكن الصورة المالية قاتمة، فقد عانى السكان العاديون من سياسات التقشف في السنوات الماضية، ومعظمهم من الشيعة الذين لم يصلهم الكثيرمن مساعدات دول الخليح. وقال رجل أعمال شيعي في العاصمة المنامة إن "الجوع والفرص المحدودة قد تقود إلى موجة أخرى من الاضطرابات".

وتخلص المجلة إلى أن الأمير سلمان قد نال الثناء لجهوده في توفير اللقاحات ضد كوفيد-19 لكل البحرينيين، بعيدا عن طائفتهم. وتم الإفراج عن بعض السجناء، ولم تعد السلطات تفرط في استخدام التعذيب.

ولكن حاشية الأمير يقولون إنه بحاجة إلى هزة، ويقضي الوقت الكبير في قصره. وفشله في تهدئة التوتر السني- الشيعي يضع البحرين على طريق المشاكل. وقال رجل الأعمال: "لم تلتئم جراح العقد الماضي من الانقسام الطائفي، وفي الوقت الحالي، تعيش الجزيرة هدوءا لكننا تعودنا على الهدوء قبل العاصفة".