أكد مركز "سترافور" الأميركي للدراسات الأمنية والاستخباراتية (الذي يوصف بالمقرب من المخابرات الأميركية) في تحليل بعنوان "بالنسبة للإمارات الهجوم على أبوظبي، يستجلب الحرب لها"، أن هجوم الحوثيين الأخير على أبوظبي قد يؤدي إلى سلسلة من الضربات التي تقوض سمعة الإمارات كمركز تجاري آمن. وراى أن الهجوم أيضا يؤدي إلى دعم عسكري ودبلوماسي أميركي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن ويضع ضغوطا جديدة على الحوثيين المدعومين من إيران.

واشار التحليل الى أنه وفقا للتقارير الأولية، شاركت في الهجوم طائرات بدون طيار وصواريخ باليستية وصواريخ كروز، ادعت السعودية اعتراض بعضها. ويقال إن هذه هي المرة الأولى التي تضرب فيها جماعة الحوثي الداخل الإماراتي بنجاح، ويأتي ذلك بعد أسبوع من استعادة القوات اليمنية المدعومة من الإمارات السيطرة على محافظة شبوة اليمنية الغنية بالطاقة.

وفي 10 كانون الثاني، أعلن لواء "العمالقة" الذي دربته الإمارات أنه استعاد السيطرة على شبوة بعد هجوم استمر 10 أيام؛ ما يمثل انتكاسة ملحوظة لحصار الحوثيين المستمر لمحافظة مأرب اليمنية المجاورة، التي تعد مركز النفط والغاز في البلاد.

وتشارك الإمارات عسكريا في اليمن منذ تدخل التحالف الذي تقوده السعودية عام 2015. لكن الإماراتيين سحبوا معظم قواتهم التقليدية عام 2019، معتمدين على الوكلاء مثل "لواء العمالقة" الذي يدعم المجلس الانتقالي الجنوبي. وبالرغم من انسحاب الإمارات، واصل الحوثيون تهديداتهم لأبوظبي بسبب دعمها لخصومهم.

واكد التحليل أن الإمارات نجحت تاريخيا من معظم آثار عدم الاستقرار في المنطقة، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى عقود من سياساتها الخارجية غير التدخلية. لكن هذا النهج تغير بعد الربيع العربي، عندما خلصت أبوظبي إلى أنها يجب أن تشارك بشكل مباشر في الشؤون الإقليمية؛ لمنع منافسين مثل الإخوان المسلمين من تهديدها.

وبحسبه ستستخدم الإمارات الهجوم الأخير للضغط من أجل المزيد من الدعم الدبلوماسي والعسكري الأميركي في اليمن. فبعد الهجوم، دعت الإمارات الولايات المتحدة إلى إعادة وضع الحوثيين في قائمة الإرهاب، وهو ما كانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قد ألغته في شباط 2021 كجزء من مساعيها لحل دبلوماسي للحرب باليمن.

ونوه التحليل إلى أن الولايات المتحدة لم تدن الضربات الجوية الانتقامية التي قامت بها السعودية على صنعاء؛ ما يشير إلى أن واشنطن قد تكون مستعدة لدعم المزيد من الضغط العسكري ضد الحوثيين بعد هجوم أبوظبي.

وذكر بأنه علاوة على ذلك، يشير الهجوم على أبوظبي إلى أن الجناح العسكري للحوثيين يقود السياسة في الوقت الحالي؛ ما يقوض احتمالية نجاح الجهود الدبلوماسية الأميركية. نتيجة لذلك، قد تكون الولايات المتحدة أكثر استعدادا لإعادة تقديم بعض الدعم اللوجستي والاستخباراتي للسعودية بعد أن خفضته عقب اغتيال جمال خاشقجي عام 2018.

ومنذ توليه منصبه في كانون الثاني 2021، سعى بايدن إلى إعادة ضبط نهج الولايات المتحدة تجاه اليمن لدعم حل دبلوماسي للحرب. وشمل ذلك إنهاء مبيعات الأسلحة الهجومية إلى السعودية والإمارات، وكذلك التراجع عن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية بعد أن حذر مسؤولو الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية من أن يعرقل ذلك وصول المواد الغذائية والإمدادات الضرورية للبلد الذي مزقته الحرب.

لكن خلال العام الماضي، شن الحوثيون أيضا هجوما كبيرا للسيطرة على محافظة مأرب لتوجيه ضربة حاسمة للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والإمارات.

واوضح التحليل إن هجوم الحوثيين الأخير على أبوظبي قد يعيق التواصل الدبلوماسي بين الإمارات وإيران مؤخرا، بالرغم أن أبوظبي ستتجنب التصعيد العسكري العلني مع إيران خوفا من الإضرار بالأعمال المحلية أو إثارة صدام أكبر مع جارتها القوية.

واوضحت الإمارات إنها تحتفظ بالحق في مواصلة الرد على الحوثيين، لكن لا يوجد ما يشير إلى أن أبوظبي مستعدة لإلقاء اللوم على إيران في الهجوم، بالرغم من تزويد طهران الحوثيين بالمعرفة والدعم المادي لشن مثل هذه الضربات.

ويعد حذر الإمارات تجاه إيران مبررا جزئيا بسبب عدم اليقين بشأن المدى الذي ستوفره الولايات المتحدة من الدعم في حالة المواجهة، خاصة بعد الهجمات الإيرانية على منشآت "أرامكو" في عام 2019، والتي لم تتحرك فيه الولايات المتحدة للرد عليها.

وكذلك تخشى الإمارات من إثارة مواجهة عسكرية قد تخيف السائحين والشركات والمستثمرين، وهي ركائز أساسية لاستراتيجيتها للتنمية الاقتصادية. ويعتمد اقتصاد دبي، على وجه الخصوص، على التجارة مع إيران أيضا. ومن المحتمل أن تكون هذه التحديات بمثابة قيود تشغيلية للرد على ضربات الحوثيين ضد الإمارات، إلى جانب اعتبارات سياسية بأن مثل هذه الهجمات قد تضر بالعلاقات بين الإمارات وإيران حليفة الحوثيين.

ومع ذلك، قد تهدد هجمات أبوظبي الجهود التي بذلتها الإمارات وإيران في الأشهر الأخيرة لإصلاح العلاقات بينهما. وقبل هجوم الحوثيين، دعت الإمارات الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة البلاد في شباط المقبل. وإذا تم إلغاء هذه الدعوة، فسيشير هذا إلى تعطل جهود المصالحة.

وبحسب التحليل يمكن لضربات الحوثيين أن تدفع الإمارات مرة أخرى إلى دور عسكري أكثر نشاطا في اليمن؛ ما قد يؤدي إلى هجمات حوثية جديدة في المستقبل تستهدف الأراضي الإماراتية.

لكنه يختم بالقول إنه إذا بدأ الحوثيون حملة أطول ضد الإمارات؛ فسيؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر كبير بسمعة البلاد كمكان آمن للاستثمار وممارسة الأعمال التجارية، ما يضر باستراتيجية التنويع الاقتصادي للبلاد.