ازدادت أعمال العنف في فرنسا ضد النواب بشكل كبير في السنوات الأخيرة قبل أشهر من الاستحقاق الرئاسي، وخير مثال هو احراق مرآب نائب الأغلبية باسكال بوا أثناء نومه نهاية كانون الأول عندما أيقظه رجال الإطفاء لإبلاغه بالأمر.

وقال بوا لوكالة "فرانس برس"، "كانت هناك بطبيعة الحال لحظة صدمة سرعان ما تغلبت عليها. حاولت الحفاظ على هدوئي". وأضاف "سرعان ما أدركت أنه كان عملاً متعمدًا".

ويقع المرآب في مبنى خارجي، ومن حسن الحظ أن منزله لم يتضرر.

وعلى جدار منزله على بعد حوالى ثلاثين كيلومترًا من باريس، كتب شعاران "الامور ستتعقد" و"صوّتوا لا" للشهادة الصحية، مشروع القانون الذي كان قيد البحث وتمت المصادقة عليه من قبل الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ.

وقد دعم نائب "الجمهورية إلى الأمام" حزب الرئيس إيمانويل ماكرون هذا الإجراء المرفوض من غير الملقحين الذي يمنعهم من ممارسة الأنشطة الترفيهية ودخول المطاعم والحانات ووسائل النقل الاقليمية الأخرى. ولم يكن هذا التحذير الأول. ففي تشرين الثاني تلقى تهديدات بالقتل في رسالة مرفقة برصاصة.

وقد أعرب وزير الداخلية جيرالد دارمانين عن أسفه في 11 كانون الثاني قائلا "نشهد زيادة كبيرة في التهديدات وبالتالي أعمال عنف ضد نواب".

ويوم السبت، أكد نائب آخر في الأغلبية رومان غرو أنه تلقى في بربينيان "لكمة على الذقن" من حشد استهدف مكتبه. وفي مقطع فيديو نُشر على تويتر نرى رجالًا يهتفون "الموت، الموت" و"هل صوتت لصالح الشهادة الصحية؟".

وذكرت "فرانس برس" بانه تم تقديم أكثر من 300 شكوى بتهمة "التهديد بالقتل" من قبل نواب منذ تموز بينها 60 شكوى في الأيام العشرة الأولى من عام 2022، وفقًا لدارمانين.

وبحسب وزارة الداخلية فقد تم استهداف 1186 مسؤولاً في الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2021، بينهم 162 نائباً و605 رؤساء بلديات أو معاونون تعرضوا لاعتداءات جسدية، بزيادة قدرها 47% مقارنة بعام 2020. كما تم تسجيل 419 اعتداء (+30%).

وقبل أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي ستليها انتخابات تشريعية في حزيران، يبدو أن انعدام الثقة بالشخصيات السياسية قد وصل إلى ذروته، وتؤججه الحركة المناهضة للقاحات والتي أصبحت أيضًا أكثر تشددا.

وفي تشرين الثاني قال 60% من الأشخاص الذين تم استجوابهم في استطلاع للرأي حول تصور الجمعية الوطنية، إنهم يتفهمون السلوك العنيف تجاه النواب وأيده 13%.

في بداية كانون الثاني، دخل قادة الأحزاب السياسية الرئيسية إلى قاعة المجلس معًا للتنديد بـ "تصاعد الكراهية" حيالهم، وهو تعبير نادر عن الوحدة.

وقال رئيس الجمعية ريشار فيران بقلق في مقابلة لصحيفة "لوموند"، "يتلقى النواب رسائل يُكتب عليها: "سأقطع رأسك"، "سأطعنك". وهي كلمات تعبر عن الرغبة في ارتكاب جريمة". وأضاف أن "هؤلاء المواطنين ينتهي بهم الأمر أحيانًا إلى تبني العنف في محاولة لإيصال صوتهم". وأوضح "لقد تحدثنا منذ فترة طويلة عن الإقصاء الاجتماعي وأعتقد اليوم أن عددًا من الفرنسيين يعيشون اقصاء سياسيا".

ووفقًا لإيزابيل سومييه المتخصصة في العنف السياسي في جامعة باريس 1 بانثيون سوربون فان هذا شعور يبدو أنه قد تعزز منذ انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا في عام 2017، فقد "تسارعت حلقات العنف في الأشهر والأسابيع الأخيرة".

وتجسد "السترات الصفراء"الحركة الاحتجاجية المناهضة للنخب وعلى وجه الخصوص الرئيس المنتهية ولايته، هذه الظاهرة. وانطلقت الحركة من المناطق الريفية والمدن الصغيرة وأشعلت فرنسا بين نهاية 2018 ومطلع 2020، حتى أول تدابير العزل بسبب كوفيد-19.

يبدو أن المعارضين للقاحات يتداخلون جغرافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا مع حركة "السترات الصفراء" على حد قول سومييه، التي ترى أن اسلوب حكم ماكرون المركزي الذي يُنظر إليه أحيانًا على أنه مؤيد للأثرياء واستفزازي، قد يكون ساهم في تأجيج العنف.

واعلن ماكرون الذي تعرض للصفع خلال زيارة في جنوب شرق فرنسا في حزيران، مطلع كانون الثاني أنه يريد "إزعاج" غير الملقحين.

ومع ذلك، لا تزال البلاد أقل عنفًا مما كانت عليه بعد الحرب، ويجب التقليل من شأن الحوادث الحالية كما تقول سومييه. لكن بعد مقتل نائبين في بريطانيا منذ عام 2016، أصبحت هذه الهجمات تقلق عددا من النواب الفرنسيين.

وقال باسكال بوا لـ "فرانس برس"، "أصبحت أتنبه أكثر لما يحدث من حولي". وأضاف "أتحقق من أن أحدا لا يتعقبني في سيارة. واعتاد جميع زملائي على فعل الشيء نفسه".