لا شكّ أن الحكومة اللبنانية تسعى جاهدة ومنذ إفشال إقرار قانون "الكابيتال كونترول" الذي أُريد منه تغطية مخالفات مصرف لبنان تأمين الغطاء اللازم له للإستمرار بالأعمال التي يقوم بها... واليوم تحاول الحكومة مرة ثانية عبر موازنة 2022 تأمين تشريع مخالفات المصارف وذلك عبر دسّ البند 132 "كتهريبة" والذي يتحدث عن تسديد المصارف للودائع الجديدة بالعملة الاجنبية التي تودع لديها اعتباراً من تاريخ نشر القانون.

تشريع المخالفات

عملياً تقرّ الموازنة السنوية لتحديد كيفية صرف النفقات في الدولة، فكيف دخل مثل هذا البند في الموازنة؟ وماذا تريد وزارة الماليّة منه؟ بكل بساطة تشريع دفع الودائع بالليرة اللبنانية. هنا يرى رئيس مجلس ادارة FFA Private Bankجان رياشي عبر "النشرة" أنهم "يسعون جاهدين لاقرار هذا القانون الذي يعطي صلاحيات إستثنائيّة لمصرف لبنان لعدّة اسباب، ابرزها التعاميم المخالفة للقانون التي اصدرها المصرف المذكور منذ 2019 والتي فيها دفع ودائع بالليرة".

يصف جان رياشي ما قامت به وزارة الماليّة ومعها السلطة عبر البند 132 بمحاولة "شبه احتياليّة" لتمرير موضوع معيّن، خصوصا وأن القانون واضح ويفرض على مصرف لبنان ان يرد الوديعة بعملتها، مؤكداً في نفس الوقت أن "هذا البند إن أقرّ فهو خطير جداً لأنه يريح المصارف ومصرف لبنان وفي المقابل يمنع المواطن من المطالبة بحقوقه أمام القضاء".

من يتحمّل الخسائر؟

في المقابل يؤكد المتخصص في الرقابة القضائية على المصارف الدكتور باسكال ضاهر لـ"النشرة" أن "كلمة تحميل خسائر للمودع هي غير قانونية، وأي نص سيدخل ويشرّع أن يكون المودع شريكاً في تحمّل الخسائر هو مخالف للكتلة المشروعية بالدولة اللبنانية بدءًا من الدستور وصولا الى قانون النقد والتسليف"، شارحا في نفس الوقت أن "المودع ليس شريكاً في الاستثمار الذي فعله المصرف، وإذا أرادوا اعتباره شريكا فلماذا لم يعتبروه شريكاً في الأرباح التي حقّقتها المصارف من العام 1994 الى اليوم".

تقديم طعن!

بدوره يعود جان رياشي الى بيان البنك الدولي الذي اعتبر فيه انّ الازمة "كساد متعمّد" ومدبّرة من زعماء الطوائف، مؤكّدا أنه "إن مرّ البند 132 فلن يعود هناك حاجة لخطة شاملة للمصارف والاقتصاد، ولن يكون هناك أموال من صندوق النقد الدولي". أما الدكتور باسكال ضاهر فيشدّد على أن "في الموازنة أرادوا أن يصبغوا المشروعية على مخالفات المصارف". مؤكدا في نفس الوقت أنه "حتى ولو صدر مثل هذا القانون فهو سيبقى عرضة للطعن والابطال أمام المجلس الدستوري ولن يكون له أيّ مفعول رجعي"، ومضيفا: "أيّ اقرار للموازنة كما هي سيؤدي الى اخفات طريق لبنان المالي والنقدي في الشرق الاوسط".

تناقش الحكومة اللبنانية موازنة 2022، وإن اقرّ بند دفع الودائع بالليرة فهذا يعني أن ينسوا أي مراجعة قضائية وأن ينسوا حقوقهم الى أبد الآبدين!.