أكدت مصادر سياسية مسؤولة لصحيفك "الجمهورية"، إن "ما استجد لا ينبغي التسليم به واعتباره امرا مقضيا، بل الاساس الذي يجب ان يبقى هو ابقاء التوازن الداخلي على ما هو، ومن هنا فإن الحفاظ على هذا التوازن، ومنع أي اخلال فيه يصيبه، يوجبان أن يُعمَل من الآن على قاعدة ان الصورة السياسية الداخلية لا تكتمل الا بوجود الحريري وتياره السياسي في الحياة السياسية، وبالتالي العمل على جعل هذا القرار قابلاً للتعديل والتراجع عنه. لا شك أن هذا الامر صعب، ربطا بإصرار الحريري عليه حاليا، الا انه ليس مستحيلا إن جرى الركون الى الضرورات الوطنية التي تحتّم تعديلا في المواقف".

ولفتت الصحيفة إلى أنه "اذا كان بعض الاطراف قد اعتبروا خروج الحريري فرصة لوراثته سياسيا ونيابيا، وقد بدأت بعض الاصوات ترتفع في اتجاه القول ان خروجه من الساحة ليس نهاية الدنيا، فهو اتخذ قراره، وهو يتحمل مسؤوليته. ولا يجوز تحميل البلد وزر هذا القرار وتبعاته وتداعياته. فيما بدأت قوى سياسية في مغازلة قاعدة تيار المستقبل وتوجيه الدعوات لها للتنسيق الانتخابي. ويأتي ذلك بالتزامن مع بيان الناطق باسم الخارجية الفرنسية الصادر امس الاول، الذي كان لافتاً للانتباه في مضمونه الذي حمل دعوة غير مباشرة الى تجاوز انكفاء الحريري والتعامل معه كمسألة شخصية، حيث اعتبر ان قرار الرئيس الحريري "يعود له، ونحترمه ولا يعود لنا التعليق عليه. ويجب ألا يؤثر ذلك في ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية اللبنانية في موعدها المقرر في 15 أيار، بشفافية وحيادية".

مساورات تلي القرار

الى ذلك، علمت "الجمهورية" ان الساعات الثماني والاربعين الماضية قد شهدت سلسلة لقاءات ومشاورات سياسية، ونقاشات حزبية على غير صعيد، لتقييم تداعيات قرار الحريري وتقدير خلفيات وابعاد هذا التطوّر.

وبحسب المعلومات الموثوقة، فإن التقدير الأولي يشوبه حذر شديد من خطوة الحريري، على ما كشف مطلعون على اجواء المشاورات. وتبعاً لذلك، تعرب مصادر سياسية مسؤولة عن مخاوف جدية من ان يفلت لبنان من ايدي اهله قبل الانتخابات، فالانطباع العام هو ان انكفاء الحريري ليس من عنديّاته، بل هو أُكره عليه، ما يعزّز المخاوف من ان يكون خلف الاكمة شيء ما يُخبّاً للبنان، أبعد من محاولة خلط اوراق، بل ربما تحضير المسرح اللبناني لوقائع جديدة.

من جهتها، أفادت مصادر مطّلعة لـ "الأخبار"، بأن "الطلبات السعودية من الحريري ستجيّرها اللجنة إلى اللاعبين الجدد، تحديداً في ما يتعلق بالتحالف مع حزب "القوات اللبنانية" في عدد من المناطق، وتأليف لوائح مشتركة معها، وتجيير الأصوات لها. والطلب نفسه وصل إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بـ "ضرورة التحالف مع سمير جعجع في الانتخابات". علماً أن جنبلاط لم يبد ممانعة لـ"تحالف انتخابي مرحلي".

ولفتت إلى أن"المشكلة اليوم هي داخل الطائفة السنية التي لا تستسيغ أن يُدعم جعجع على حساب زعيمها، وأن يأخذ مكان الحريري رغم كل الاعتراضات على الأخير والملاحظات على أدائه". وتشير إلى أن "استياء كبيراً يعمّ أبناء الطائفة اليوم، وبدا هذا الاستياء جلياً في الموقف من جعجع الذي خانَ زعيمهم وغدر به وبهم، ما قد يدفعهم إلى التصويت الانتقامي، أو على الأقل إلى المقاطعة، ما يؤثر سلباً على مرشحي القوات في المناطق المختلطة".