عملتُ في كل دول العالم وعاشرتُ مسؤوليها وخبرتُ شعوبها، وتيقنتُ أنها تعمل بنشاط ومحبة وعدل ويعمل قضائها على نشر قيم الإدارة الفعّالة والمنصفة للعدالة في مختلف هذه الدول كضمانة فعّالة لحقوق الإنسان.في كل دول العالم يُركز القانونيّون قضاة، محامين، دكاترة على الدور الأساسي للأنظمة القضائية في ضمان حق كل فرد تُتنهكْ حقوقه، أو من يكونوا ضحايا إنتهاكات معينة، وعلى ضرورة إحضار مرتكبي هذه الجرائم أمام العدالة. وفي علم القانون تضمن الأنظمة القانونية حق كل فرد متهم بإرتكاب جريمة جنائية في الحصول على محاكمة عادلة وفقًا للمعايير الدولية، وأن تتصرف السلطات التنفيذية والتشريعية بحسب معايير حقوق الإنسان الدولية ومبادئ حكم القانون.

غالبًا وفي معظم دول العالم المتحضِّرْ إلاّ في الدول الفاشلة، يلعب النظام القضائي دورًا رئيسيًا في ترسيخ قيم العدالة وحقوق الإنسان بحيث يبقى الإنتقال من الدولة الشرعية إلى دولة الحق والقانون التي يخضع لها الحاكمون كما المحكومين إلى سلطة القانون رهينًا بمدى فعالية هذا النظام وإستقلاله وحياده، وهذا أمر على ما يبدو وللأسف غير متوّفر في جمهوريتي المخطوفة ولا حاجة لتقديم أدلّة وبراهين فهي صعبة الإحصاء لكثرة الثغرات بل باتت موّثقة لدى الجميع.

إستنادًا إلى مستشاري القانوني وهو أستاذ جامعي فإنه يعتبر أنّ النظام القضائي في دولة ما أمر أساسي لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، حيث تؤدي المحاكم دورًا رئيسيًا في حماية كل ضحية أو من يُحتمل أن يكونوا ضحايا إنتهاكات حقوق الإنسان وضمان حصولهم على سُبل الإنصاف الفعّالة، وذلك بتقديم مرتكبي هذه الإنتهاكات إلى العدالة والتأكيد على أنّ أي شخص يرتكب أفعالاً جرمية يتلقى محاكمة عادلة وفقًا للمعاير الدولية والمحلية. وفق خبرتي في الشأن العام إنّ النظام القضائي على ما خبرت يُعتبَْ أساسيًا لعملية التأكد من إمتثال القوانين التشريعية والأعمال التنفيذية للقانون الدولي لحقوق الإنسان وحكم القانون. كما أنه يتعيّن على أي دولة أن تؤكد في دستورها وقوانينها وسياستها الإستقلال الكُلّي للسلطة القضائية عن باقي أجهزة الدولة. فالمحاكم المستقلّة والنزيهة هي أساس النظام القضائي الذي يضمن إحترام حقوق الإنسان وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.المؤسف أن جمهوريتي تتغاضى عن تطبيق ما ورد وتعمل على ضرب كل الصيغ القضائية...

في أي دولة تحترم القضاء والأصول القانونية من المفترض منح القضاة والمحامين وأعضاء النيابات العامة من خلال النظام القضائي للدولة حرية ممارسة واجباتهم المهنية وحمايتهم من الضغوط السياسية، فضلاً عن حمايتهم أثناء قيامهم لمهامهم من أي إعتداء أو مضايقة أو إضطهاد خلال إضطلاعهم بأنشطتهم المهنية في الدفاع عن حقوق الناس، ويتعيّن عليهم في المقابل القيام بدورهم كمدافعين شرعيين في حماية حقوق الإنسان كمسؤولين أمام الشعب للمحافظة على أعلى مستوى من النزاهة وفقًا للقانون الوطني والدولي والمعايير الأخلاقية. اليوم في لبنان الأمور تتجه في الإتجاه المعاكِسْ وأكبر دليل على ما أقصده قضية جريمة مرفأ بيروت حيث القاضي ممنوع من التصرف وأصحاب الحق مغبونين وقد وصل الأمر من قِبَلْ السلطة أنْ تعمّدتْ على تشتيتهم عبر السماح لركن من أركانهم سابقًا التحدث منفردًا بإسمهم ومن دون علمهم وإذنهم...

أنهي هذه المقالة سائلاً أهل الحق قضاة محامين ووزير عدل: هل قرأتم يا سادة أن "العدل أساس الملك" ولا تنسوا أنكم تصدرون الأحكام تحت عنوان "بإسم الشعب اللبناني"، حذار تسييس القضاء والعبث بمضمونه فتلك جريمة موصوفة.