فتحت الاحتجاجات التي حصلت في 17 تشرين الأوّل 2019 الباب واسعاً على تهريب الأموال الى الخارج بعد إقفال المصارف في حينها وتفتح الأعين على ما قام به حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومعه المصارف. حالياً سلامة ملاحق في عدّة دول في العالم ومنها فرنسا وسويسرا وغيرها من العواصم، "الشرعية" سقطت عن حاكم المركزي في الخارج وفي لبنان لا يزال هو "الحاكم بأمره"، بالمال وبالسياسة.

في كانون الثاني الماضي أرسلت سويسرا الى لبنان مراسلة تحدثت فيها عن "اختلاس" قام به رياض سلامة وشقيقه رجا، تتضمن طلب مساعدة بتحقيق جنائي تجريه بشأن تحويلات مالية تخصّ حاكم مصرف لبنان ومقرّبين منه.

وتتطرق المراسلة السويسرية إلى تحويلات بقيمة 400 مليون دولار، تخصّ سلامة وشقيقه ومساعدته ومؤسسات تابعة للمصرف المركزي، بينها شركة طيران الشرق الأوسط وكازينو لبنان، ولم تتضمن أدلّة أو مستندات تثبت أو تعزّز الشبهات، لكن النيابة العامة التمييزية عادت وراسلت السلطات السويسرية طالبة منها تعزيز التعاون القضائي وتزويد لبنان بالادلّة اللازمة المتعلّقة بالتّهم المنسوبة الى سلامة والواردة في المراسلة.

تقدّم الملف كثيرا سواء في سويسرا أو في فرنسا حيث كان يفترض بلبنان أن يشارك باجتماع قضائي دولي يتعلق بموضوع سلامة، الا ان القاضي غسان عويدات عاد والغى مشاركة القاضي جان طنوس بعد ان قرّر اضافة اسم القاضي رجا حاموش الى الوفد ورفضت فرنسا الامر فاعتبر عويدات الامر تدخّلا في عمله.

الجديد في الملفّ أنه، وبحسب المصادر "وصلت الى مدّعي عام التمييز عدّة طلبات من سويسرا وفرنسا تطالب فيها بالحجز على ممتلكات سلامة في لبنان"، وتشير الى أن "مدّعي عام التمييز القاضي عويدات عاد وارسل الطلب الى رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر على ان تتحرّك هي في الامر".

وتتابع المصادر عبر "النشرة": "تقف النيابة العامة التمييزية في ملف رياض سلامة بين مطرقة الملاحقات الدوليّة للحاكم سلامة وشقيقه وسندان الساسة اللبنانيين، فهي من جهة تسعى الى تنفيذ طلبات الخارج ومن جهة أخرى تخضع للضغوط الداخليّة التي تعيق عملها في هذا الملف"، مضيفة: "من هنا رمى القاضي غسان عويدات الكرة في ملعب القاضية هيلانة اسكندر على ان تتخذ هي القرار في هذا الأمر".

لا شكّ انّ الخارج سبق القضاء اللبناني والدولة اللبنانية بأشواط في ملف حاكم مصرف لبنان، ولكن مما لا شك فيه أيضا أن هذا الملف ومهما تأخّرت الاجراءات للبتّ فيه، إلا أنه حكماً سيصل الى خواتيم معيّنة، لأنه خرج من الدائرة التي يستطيع فيها السياسيون تأمين الحماية لسلامة. اليوم مطلوب "رأس" سلامة في أكثر من دولة في العالم والسياسيون اللبنانيون لن يستطيعوا تأمين غطاء يمنع الاطاحة به لأن "الملف أصبح دولياً"!.