أشارت صحيفة "الأخبار" إلى أن السعودية هذه المرة "حسبتها" جيداً، بإبلاغها كل من يعنيهم الأمر أنه ممنوع الاعتراض على قرار "إعدام" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أو التضامن مع من كان يطلق عليه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان "ضمانة لبنان". وممنوع أيضاً أن يقاطع السنّة الانتخابات لنزع أي ذريعة تؤدي للدعوة إلى إرجائها تحت عنوان فقدان الميثاقية.

ورأت أن الرياض تريد، سريعاً، طي مرحلة الحريري وأن يطوي النسيان الرجل، وعلى الجميع التفرّغ للمرحلة المقبلة، موضحة أن الأمر السعودي حالياً هو "إلى الانتخابات در"، مع درجة كبرى من التوتير تحت شعار "نزع سلاح حزب الله". وقد بدأ ذلك بالفعل بما سُمّي "المبادرة الخليجية" التي أعادت إحياء القرار 1559.

واعتبرت أنه بهذا، يبدو أن صفحة التمديد للمجلس النيابي الحالي طُويت (إلى حين؟)، بعدما كان الرهان على أن رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط وحده من يمكن أن يجرؤ ويكفي الجميع "شرّ الانتخابات"، بإعلانه التضامن مع الحريري والعزوف وطائفته عن خوض الاستحقاق، ما يفقده ميثاقيته. علماً أن في التمديد مصلحة لزعيم المختارة الذي يفوز غالبية نوابه بأصوات سنية، كما للحريري نفسه. إذ يعني بقاءه في اللعبة، عبر نوابه في البرلمان، ويجعل قراره "تعليق" العمل السياسي "تعليقاً" بالمعنى الحرفي، لا خروجاً نهائياً. كما أنه، لجبران باسيل، فرصة لالتقاط الأنفاس، والبقاء على رأس كتلة نيابية وازنة لن ينال مثلها غالباً في الدورة المقبلة، ناهيك عن إمكانية مقايضة التمديد للمجلس بتمديد مواز لرئيس الجمهورية. فيما لا يمانع ثنائي "حركة أمل" – "حزب الله" تمديداً في انتظار جلاء المشهد الإقليمي بعد مفاوضات فيينا والمحادثات السعودية - الإيرانية وتطورات الميدان اليمني.

من جانبها، أكدت مصادر دار الإفتاء، لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن الموقف الذي عبر عنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لا يعبر أيضاً عن موقفها، رافضةً الحسم عما إذا كان سيصدر عنها موقف حول مشاركة الطائفة السنية في الانتخابات من عدمها، وأوضحت المصادر أن "المفتي دريان يجري في هذه المرحلة الحساسة سلسلة لقاءات ومشاورات مع أطراف سنية ووطنية من مختلف الطوائف، وهي بالتالي لم ولن تكون مع فريق ضد آخر، وستبقى على مسافة واحدة من الجميع".

وفي حين أوضحت أنه "لا يمكن الحسم عما إذا كان سيصدر موقف عن المفتي"، أكدت أنه في حال صدر سيكون موقفاً مدروساً ويتناسب مع المصلحة الإسلامية والوطنية، مشددة كذلك على أن "عامل الوقت مهم، والاستعجال ليس مفيداً".

بينما رأت مصادر مواكبة، عبر صحيفة "نداء الوطن"، أن صورة زيارة مفتي الجمهورية إلى السراي الكبير أمس، وما أعقبها من صلاة جُمعة جامعة للأبعاد الدينية والسياسية في اتحاد دار الفتوى والسراي الحكومي، بدت أشبه بـ"صحوة سنية" من "سكرة عزوف الحريري"، توكيداً على أنّ الطائفة السنية لا تزال "متماسكة وممسوكة" ولا خوف عليها من التشرذم والتشتت، إنما هي قادرة على تجاوز كبوتها الراهنة واستنهاض أبنائها من "الصدمة النفسية التي خلفها قرار عزوف الحريري وتهيئتهم نفسياً وانتخابياً إلى ضرورة التعامل بواقعية مع الواقع الجديد والشروع في الانتقال السلس نحو مرحلة ما بعد... سعد".

وأوضحت أنه كما كان شكل الحدث، كذلك أتى مضمونه متسقاً ومتناسقاً مع الجهود المبذولة لتظهير التماسك على الساحة السنية، لا سيما في ما يتصل بمقاربة الاستحقاق الانتخابي المرتقب، حيث كان الكلام واضحاً وصريحاً إثر لقاء رئيس الحكومة ومفتي الجمهورية في معرض إبداء رفض قاطع لأي مقاطعة سنّية للانتخابات المقبلة في أيار.

بدورها، أكدت مصادر مسؤولة، لصحيفة "الجمهورية"، أنّ "المستويات السنّية السياسية والدينية مستفَزَّة من بعض أطراف الانقسام الداخلي، التي بدأت تتعامل مع المكوّن السنّي وكأنّه قد فقد توازنه وتفكّك واندثر، وذلك عبر مسارعتها الى الاستثمار على قرار الحريري، ومحاولة وراثته، وكذلك وراثة تيار "المستقبل" وجمهوره وتسخيره كعنصر ملحق بها، وسوقه في الاتجاه الذي يخدم غاياتها السياسية والانتخابية".

وبحسب المصادر عينها، فإنّ اللقاء العاجل الذي عُقد في السراي الحكومية بين مفتي الجمهورية ورئيس الحكومة، هدف الى قطع الطريق على هذا المنحى المسيء للطائفة السنّية، والتأكيد على حضورها الفاعل والأساسي ودورها الأساس في الحياة السياسية، الذي لا يتأثر بأي عوامل، او محاولات لإضعافه او تنتقص منه سواء أكانت مقصودة او غير مقصودة.

وأشارت المصادر إلى انّ زيارة المفتي دريان الى السراي الحكومية، تنطوي على استشعار لدقّة الوضع الذي استجدّ بعد قرار الحريري، وضرورة وقف التفسيرات والتأويلات وأي محاولة لإرباك الساحة السنّية.

من جانبه، أكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور، في حديث لـ"الشرق الأوسط"، أن "التفاوض بين "القوات" و"الاشتراكي" مستمر بعيداً عن الأضواء حول التفاصيل المتعلقة بهذا التحالف والذي يمتد على كامل المساحة التي يمكن للطرفين التواجد المشترك فيها"، موضحا أن "القوات لم تصل إلى صورة نهائية بعد، لكن التفاوض بين الفريقين قائم ومستمر حتى اللحظة لتكوين سلة متكاملة بمقاربة واحدة".

وعن تأثير عزوف الحريري عن خوض الانتخابات في دائرة الشوف - عاليه، أوضح جبور أن "الثقل الأكبر في هذه الدائرة درزي ومسيحي"، لافتاً إلى أنه "لن يكون هناك أي تغيير في المشهد في هذه الدائرة تحديداً، بل الأمور ستكون مشابهة للواقع الحالي وأفضل"، معتبراً أن "الطرف الأساسي الذي أصيب بنكسة حقيقية هو التيار الوطني الحر نتيجة الانهيارات والممارسات التي حصلت في العهد".

وأضاف: "لا شك أن الوجود السني في الإقليم له دوره وحيثيته وتأثيره، ولكن بالاعتقاد العام المزاج السني من طبيعة سيادية وبالتالي لن يكون هناك أي تغيير، إذ ستعبر البيئة السنية التي تشبه الحريري بشكل بديهي عن توجهاتها وستصب بالمكان نفسه المرتبط بهذا الجو السيادي الذي يعكسه القوات والتقدمي".

وأكد أن "نتائج التحالف بين القوات والاشتراكي ستكون أفضل من انتخابات عام 2018 للفريقين، والبيئة السنية ستكون في حالة تكاملية مع هذا الفريق وستكون جزءاً لا يتجزأ بشراكة كاملة مع هذا المناخ السيادي".