بذهول تلقى الجمهور الكتائبي نبأ تخلّي حزبه عن المقعد النيابي في البترون لمصلحة مجد بطرس حرب، ولا يجد تفسيرا لهذه الخطوة. هل أن هناك ضغطا على رئيس الحزب من جهة ما بعدم ترشيح كتائبي عن قضاء البترون ودعم حرب تحت عنوان حشد كل الوسائل لاسقاط جبران باسيل؟!. وعلم أن وراء هذه الفكرة ناشط سياسي يعمل لحساب جهاز خارجي، والنائب السابق ميشال معوض، وبعض الناشطين على خط التمايز بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.

وبصرف النظر عما اذا كان هذا الرأي في محلّه، وأن هذا التدبير من شأنه إزاحة باسيل، فإن الكتائبيين لا يجدون له تبريرا، ولماذا تكون التضحية من كيس حزبهم.

والوجود الكتائبي في البترون يرقى إلى زمن البدايات، وكان اقليمها من أكثر الأقاليم نشاطا وحضورا، وهو نما وبلغ اوج عطائه وسطوعه مع جورج سعاده عندما كان رئيسا له حتى إبّان نيابته ووزارته قبل أن يصبح رئيسا للحزب، وبفضل جهوده أصبح إقليم البترون هو الثاني من حيث العدد بعد إقليم المتن الشمالي.

كذلك فإن شريط الترشيحات الكتائبية لاحد المقعدين النيابيين في قضاء البترون: الدكتور جاك شديد في الستينيات الذي خسر المعركة بفارق ضئيل جدّا من الأصوات، والدكتور اميل حكيم الذي لم يحالفه الحظ على الرغم من تسجيله ارقاما عالية، والدكتور جورج سعاده الذي فاز في دورتي ١٩٦٨ و١٩٧٢، واسقط في العام ١٩٩٦ بعملية يعرفها تماما من واكب تلك المرحلة، وسيأتي يوم يحكى عن خفاياها.

واليوم يقول الكتائبيون أن المشكلة لا تتعلق بابعاد سامر جورج سعاده او استبقائه مرشحا عن الكتائب، لو أن البديل كتائبيا. لكن في قراءة عائلة سعاده أن ما حصل معها هو حقد على جورج سعاده يترجم محاولة إلغاء لنجله البكر، انتقاما منه لرفعه شعار "من حزب المؤسس إلى حزب المؤسّسة"، وتمايزه عن الرئيس الأسبق امين الجميل الذي كان يريده أن يكون ناطور مفاتيح الحزب فحسب ريثما تنتهي ولايته الرئاسية. فلا الرئيس السابق قبل في العام ٢٠٠٥ أن يترشح سامر، وفي العام ٢٠٠٩ عندما ترشح عن دائرة طرابلس إنما كان بدعم سعد الحريري: اما سامر او لا مرشح كتائبيا في الشمال. وفي العام ٢٠١٨ يقول سامر انه ضرب من عقر داره.

حبل السرّة انقطع على ما يبدو بين سامي الجميل وسامر سعاده الذي يردّد مع الكثير من الكتائبيين على امتداد لبنان: "مش هيك بيكون الوفا".

هناك ايدٍ عديدة ممدودة لنجل جورج سعاده ، ولكن بطبيعة الحال لن يعود إلى بيت الطاعة الحزبية. شأنه شأنه آلاف المحازبين التي اطاحت القرارات العابثة بهم، في أكبر عملية تنكر لتضحياتهم.

لم تعد الكتائب على ما يبدو تعني شيئا للكثيرين ممن نسوا ملعبها ومعها"القامة والرمح المسحوب".