حتى اليوم، لا تزال دائرة صور–قرى صيدا أو ما يعرف بدائرة صور الزهراني، دائرة الخرق الإنتخابي المستحيل بإمتياز لأي لائحة قد تشكل بوجه لائحة ثنائي حزب الله وحركة أمل إذا لم يجتمع معارضو الثنائي "كلّن يعني كلّن" في لائحة واحدة.

لماذا؟ لأن الحاصل الإنتخابي في هذه الدائرة بلغ عام 2018 بالتحديد 21043 صوتاً، ولأن لائحة "معاً نحو التغيير" برئاسة رياض الأسعد والتي نافست لائحة أمل والحزب في تلك الدورة، لم تنل أكثر من 11481 صوتاً مقابل 134068 صوتاً نالتها لائحة الأمل والوفاء، الأمر الذي أعطاها كامل مقاعد دائرة الجنوب الثانية وعددها سبعة، أربعة مقاعد شيعة في صور ومقعدان شيعيان ومقعد كاثوليكي في الزهراني.

هي دائرة الخرق المستحيل إذا لم يجتمع المعارضون كل المعارضين في لائحة واحدة أولاً لأنها الدائرة التي يترشح فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري وفيها ثقل إنتخابي شيعي للحركة والحزب لا مثيل له في أي دائرة أخرى. تخيلوا مثلاً أن بري نال عام 2018 42137 صوتاً أي بفارق 17758 صوتاً عن نائب حزب الله نواف الموسوي الذي حل في المركز الثاني من حيث عدد الأصوات بـ24379 صوتاً، وصولاً الى 4162 صوتاً للنائب ميشال موسى في المرتبة ما قبل الأخيرة و2203 أصوات للنائب علي عسيران الذي حلّ أخيراً على لائحة الأمل والوفاء.

وتخيلوا مثلاً أن المرشح المنافس رياض الأسعد لم ينل أكثر من 1620 صوتاً بينما نال مرشح الحزب الشيوعي على لائحته رائد عطايا 1382 صوتاً ومرشح منظمة العمل الشيوعي عبد الناصر فران 1241 صوتاً.

وحده مرشح التيار الوطني الحر على لائحة الأسعد أي وسام الحاج نال رقماً مقبولاً بحصوله على 4729 صوتاً.

ما يحصل اليوم في دائرة الجنوب الثانية من حراك إنتخابي بعيداً عن لائحة الثنائي الشيعي، لا يبشّر بإمكانية الخرق. لماذا؟ لأننا نتحدث عن لائحتين معارضتين.

لائحة يعمل على تشكيلها الأسعد مع الخبير الإقتصادي حسن خليل. ولائحة أخرى للمجتمع المدني يعمل على تشكيلها "لقاء صور ومنطقتها للتغيير" الذي يضم حوالى 10 مجموعات تعمل تحت عنوان "17 تشرين". الحزب الشيوعي اللبناني أقرب هذه الدورة الى التحالف مع لائحة المجموعات المدنية من لائحة الأسعد–خليل لكنه لم يحسم قراره النهائي بعد.

ولأن هناك بين مجموعات "17 تشرين" من يرفض رفضاً قاطعاً التحالف مع المهندس رياض الأسعد على إعتبار أنه كان أحد متعهدي الجمهورية طيلة السنوات الماضية وصديق الطبقة السياسية، يعمل ناشطو مبادرة "مؤتمر الجنوب" على خط اللائحتين المعارضتين في محاولة منهم للتوصل الى تسوية تجمع مرشحي لائحة الأسعد-خليل مع مرشحي لائحة "17 تشرين" بلائحة واحدة. وحتى في حال نجح هذا المسعى، يبقى من الضروري جداً، ولرفع حظوظ الخرق لدى اللائحة المعارضة، إيجاد حلّ لمسألة التمثيل المسيحي على اللائحة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. وبما أن الخلاف السياسي بين التيار والقوات بلغ ذروته، وبما أن المجموعات المدنية ترفض التحالف مع التيار والقوات، يُعمل على ترشيح شخصية كاثوليكية من الزهراني، لا قواتية ولا عونية، بل تحظى بدعم من الفريقين المسيحيين، كل ذلك لإستقطاب أصوات المسيحيين المعارضين للائحة الثنائي في الدائرة والذين يشكّلون الرافعة الإنتخابية لأي لائحة معارضة.

إذا نجحت هذه المساعي، يصبح الخرق ممكناً، وعيون المعارضين في دائرة الجنوب الثانية ستكون مُركّزةً على الخاصرة الرخوة في لائحة الأمل والوفاء وتحديداً على مقعدين، المقعد الكاثولكي في الزهراني الذي يشغله عضو كتلة التحرير والتنمية النائب ميشال موسى، والمقعد الشيعي الثاني في الزهراني الذي يشغله زميل موسى في الكتلة الخضراء النائب علي عسيران.