منذ إعلان رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ عن قرار عزوفه عن المشاركة في ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة، المقرّرة في الخامس عشر من أيار المقبل، طرحت في الكثير من الأوساط السياسية أن حالة الإرباك التي تمر بها الساحة السنية من المفترض أن تنتهي في ​14 شباط​ الجاري، أي في ذكرى اغتيال والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، على قاعدة أن الرجل من الممكن أن يقدم المزيد من الإيضاحات حول موقفه في هذه المناسبة.

من حيث المبدأ، لم يقدم الحريري أي جديد يذكر حول ما كان قد أعلن عنه في الماضي، لناحية عدم إستعداده لتغطية أي مرشح، حتى ولو كان من أعضاء كتلة "المستقبل" النيابية الحاليين، وبالتالي من يريد خوض المعركة عليه أن يعتمد على نفسه فقط، لا أن يراهن على أي تغطية من جانب رئيس الحكومة السابق، الذي يفضل عدم ترشحهم.

إنطلاقاً من ذلك، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن قرار الحريري هذا يحمل في طياته العديد من الرسائل، قد يكون أبرزها إلى الجهات التي كانت تتهمه بالتنازل عبر إبرام التسويات، مفادها أن الساحة باتت خالية أمامكم كي تظهروا القدرات التي لديكم في ظل التوازنات المعروفة في البلاد، مع علمه المسبق أنهم لن يكونوا قادرين على إحداث أي خرق يمكن البناء عليه.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا يعني بالدرجة الأولى أن رئيس الحكومة السابق يراهن على العودة بشكل أقوى، خصوصاً إذا ما نجح الخيار الذي يعلق آماله عليه، نظراً إلى أن الوقائع أثبتت أن ليس هناك من هو قادر على تغطية الفراغ الذي سيتركه على الساحة السياسية، بالرغم من أن العديد من نواب كتلته أعلنوا صراحة عن رغبتهم في الترشح، على أساس أن باستطاعتهم الحفاظ على مقاعدهم، بسبب المكانة التي لديهم في أوساطهم الشعبية.

بناء على ما تقدم، ترى المصادر نفسها أن القوى التي قرّرت، منذ فترة طويلة، السعي إلى وراثته لن تنجح في تبديل الموازين، لا بل من الممكن الجزم أنها لن تستطيع أن تحرز النتائج التي تتوقّعها هي نفسها في الإستحقاق الإنتخابي، خصوصاً أن جمهور "المستقبل" لن يذهب للتفاعل معها، في ظلّ الحملة الكبيرة التي تخاض ضدها، حيث المتوقع أن تكون نسبة مقاطعة الإنتخابات هي الأعلى.

في هذا الإطار، ترجح المصادر السّياسية المتابعة أن تنطلق المعركة الإنتخابية بشكل أكبر، في الأيام المقبلة، لا سيما على مستوى تقديم الترشيحات بشكل رسمي، نظراً إلى أن الجميع كان يراهن على حصول تبدّل ما في موقف الحريري، أما اليوم فإن الحديث بات عن صفحة طويت مقابل أخرى فتحت من المفترض التعامل معها بشكل واقعي، خصوصاً أن الطبيعة تكره الفراغ.

وفي حين كان البعض يعتبر أن المقاطعة قد تكون هي التوجه العام في الساحة السنية، تشير هذه المصادر إلى أنّ العنوان الأبرز، في الانتخابات المقبلة، سيكون الزعامات المحلّية، نظراً إلى أنها الأكثر قدرة على التحرك، لا سيما على مستوى التواصل مع الناخبين، في حين لم يظهر، على الأقلّ حتى الآن، أنّ هناك أيّ فريق أو شخصية قادرة على تقديم نفسها على أساس أنها زعامة على مستوى الوطن.

في المحصّلة، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ الساحة السنّية ستكون، بناء على هذا الواقع، على موعد مع المزيد من الشرذمة، إلا إذا حصل تطور جديد، غير متوقّع حتى الآن، يقود إلى بروز شخصيّة قادرة على جمع الزعامات المحلّية التي ستفرزها الإنتخابات المقبلة، الأمر الذي يعني إضعاف حضور الطائفة على المستوى السياسي بشكل أكبر.