"​اسرائيل​ عدوّ" هذا هو واقع حال الدولة و​الشعب اللبناني​ شاء من شاء وأبى من أبى، وأي تعامل معها هو تعامل مع العدوّ يجرّم عليه القانون اللبناني... لكن يبدو أن إدارة دوتشيفيله لا تعرف أو تناست هذا الأمر حتى قامت بصرف مجموعة صحافيين يعملون لديها في عدة بلدان في العالم لتعبيرهم عن رأيهم على مواقع التواصل الاجتماعي ضدّ اسرائيل واتهمتهم "ب​معاداة السامية​".

القصّة بدأت عندما كتبت صحيفة المانية مقالاً تحت عنوان "معاداة السامية" وفي المقال كلام صريح وواضح أن دوتشيفيله تغضّ النظر عن تصرفات صحافيين لديها وتهمتهم بـ"معاداة السامية"، وعلى ضوء هذا المقال قامت المؤسسة المذكورة بتجميد عمل عدد من الصحافيين دون سبب وباسل العريضي مدير مكتب بيروت أحدهم.

بكثير من الدهشة والأسف يتحدث العريضي عن الموضوع، ويقول "لا اعرف لماذا تمّ فصلي من العمل مع أنني إحترمت القواعد وخلال سنتين ونصف من وجودي في المؤسسة كنت أتلقى التهنئة على جهودي".

يسأل باسل العريضي "لماذا يريدون الصاق تهمة "معاداة الساميّة" بنا مع أننا شعوب سامية"؟! مضيفا: "هناك فارق كبير بين معاداة الساميّة ومعاداة اسرائيل، وقد ادركنا أنهم يقصدونها بعد التوصيات التي صدرت عن اللجنة التي شكلتها دوتشفيليه للتحقيق والتي اتّهمتنا بالعداء لاسرائيل". أما الصحافية مرام سالم التي صرفت من مركزها في المانيا وكانت تعمل في القسم الالكتروني، تشير الى أن "اسمها ذكر في المقال الذي نشرته الصحيفة الالمانية، ومن ثم تم ابلاغها في 7 شباط 2022 أنها مفصولة من العمل دون اعطائها الاسباب"، مؤكدة أن "التحقيق معها كان يدور حول منشور كتبته على مواقع التواصل الاجتماعي، والمفارقة أن عضو اللجنة التي شكّلتها دوتشيفيله هو فلسطيني يحمل الجنسية الاسرائيليّة واسمه احمد منصور".

في المحصّلة فصل الصحافيون بسبب "معاداة السامية"، وفي الواقع الشعب اللبناني هو شعب سامي(1)، أما "معاداة السامية" فهو مصطلح تمّ تعميمه لأول مرّة في المانيا عام 1879، ويُقصد بها العداء لليهود أو التحامل أو التمييز ضدهم وذلك لأنهم ببساطةٍ يهود فقط، ويمكن أن تتخذ معاداة السامية أشكالًا عديدةً مثل نظريات المؤامرة إلى الإساءة اللفظيّة الصريحة والهجمات الجسدية على الأفراد أو الجماعات...

بعد هذا كلّه كيف يُصرف صحافي لبناني يعمل في مؤسسة المانية في لبنان بتهمة أُلبِسَت تهمة طائفيّة بالمعاداة لكن لبنان بحالة عداء مع ​إسرائيل​؟ ألا تعرف القناة هذا الأمر وإذا كانت هذه تشكّل مشكلة لديها فلماذا فتحت أبوابها في بلد لا تعرف ما هي أصوله وجذوره وأنه لا يمكن أن يكون بحالة عداء مع "الساميّة" لأنّه من الشعوب الساميّة التعبير والفصل بين الدين وضعه؟.

(1) "الشعوب السامية" في الأصل أحد الشعوب الذين يعتقد أنهم ينحدرون من شيم ابن نوح، لكن تغير هذا المصطلح في وقتٍ لاحقٍ فشمل الشعوب التالية: العرب والأكاديين من بابل القديمة والآشوريين والكنعانيين.

وأقام الكنعانيون وهم من الشعوب السامية في بلاد كنعان على الساحل اللبناني وصولاً شمالاً إلى أوغاريت الموجودة حالياً في سوريا. وقد أسّسوا مرافئ عدة في المنطقة منها جبيل وصيدا وصور. وقد وضع الكنعانيون أول أبجدية وجوانب من المجتمع لا تزال قائمة حتى اليوم. وامتدت دولتهم إلى مناطق أخرى في حوض البحر المتوسط...